وكان صلى الله عليه وآله وسلم نائما تلك الليلة في بيتها، وإن المراد بالمسجد الحرام هنا: مكة، ومكة والحرم كلها مسجد. وقال الحسن، وقتادة: كان الإسراء من نفس المسجد الحرام.
* (إلى المسجد الأقصى) * يعني بيت المقدس. وإنما قال الأقصى، لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام * (الذي باركنا حوله) * أي: جعلنا البركة فيما حوله من الأشجار، والأثمار، والنبات، والأمن، والخصب، حتى لا يحتاجوا إلى أن يجلب إليهم من موضع آخر. وقيل: باركنا حوله أي: البركة فيما حوله بأن جعلناه مقر الأنبياء، ومهبط الملائكة، عن مجاهد، وبذلك صار مقدسا عن الشرك، لأنه لما صار متعبدا للأنبياء، ودار مقام لهم، تفرق المشركون عنهم، فصار مطهرا من الشرك والتقديس التطهير، فقد اجتمع فيه بركات الدين والدنيا.
* (لنريه من آياتنا) * أي: من عجائب حججنا، ومنها: اسراؤه في ليلة واحدة من مكة إلى هناك. ومنها: أن أراه الأنبياء واحدا بعد واحد وأن عرج به إلى السماء، وغير ذلك من العجائب التي أخبر بها الناس * (إنه هو السميع) * لأقوال من صدق بذلك، أو كذب * (البصير) * بما فعل من الإسراء، والمعراج * (وآتينا موسى الكتاب) * يعني التوراة * (وجعلناه هدى لبني إسرائيل) * أي: وجعلنا التوراة حجة ودلالة، وبيانا وإرشادا، لبني إسرائيل يهتدون به * (ألا تتخذوا من دوني وكيلا) * أي: أمرهم أن لا يتخذوا من دوني معتمدا يرجعون إليه في النوائب. وقيل: ربا يتوكلون عليه * (ذرية من حملنا مع نوح) * أي: أولاد من حملنا مع نوح في السفينة، فأنجيناه من الطوفان. وقد ذكرنا وجوه ذلك في الإعراب، وعلى هذا يدور المعنى * (إنه كان عبدا شكورا) * معناه: إن نوحا كان عبدا لله كثير الشكر، وكان إذا لبس ثوبا، أو أكل طعاما، أو شرب ماء، حمد الله، وشكر له، وقال: الحمد لله. وقيل: إنه كان يقول في ابتداء الأكل والشرب: بسم الله، وفي انتهائه: الحمد لله. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام، وأبي جعفر عليه السلام: إن نوحا كان إذا أصبح وأمسى، قال: اللهم إني أشهدك أن ما أصبح، أو أمسى بي من نعمة، في دين أو دنيا، فمنك وحدك، لا شريك لك، لك الحمد، ولك الشكر بها علي، حتى ترضى، وبعد الرضى. وهذا كان شكره.
النظم: وجه اتصال قوله * (وآتينا موسى الكتاب) * بما قبله: أن المعنى فيه