ومن أساء عاد ضرره إليه ترغيبا وترهيبا * (فإذا جاء وعد الآخرة) * أي: وعد المرة الأخرى من قوله * (لتفسدن في الأرض مرتين) *، والمراد به جاء وعد الجزاء على الفساد في الأرض في المرة الأخيرة، أو جاء وعد فسادكم في الأرض في المرة الأخيرة، أي: الوقت الذي يكون فيه ما أخبر الله عنكم من الفساد والعدوان على العباد * (ليسوءوا وجوهكم) * أي: غزاكم أعداؤكم، وغلبوكم، ودخلوا دياركم ليسوؤوكم بالقتل والأسر. يقال: سئته أسوؤه مساءة ومسائية وسوائية. إذا أحزنته.
وقيل: معناه ليسوؤوا كبراءكم ورؤساءكم وفي مساءة الأكابر وإهانتهم مساءة الأصاغر.
* (وليدخلوا المسجد) * أي: بيت المقدس ونواحيه. فكنى بالمسجد، وهو المسجد الأقصى، عن البلد، كما كنى بالمسجد الحرام عن الحرم. ومعناه:
وليستولوا على البلد، لأنه لا يمكنهم دخول المسجد إلا بعد الاستيلاء * (كما دخلوه أول مرة) * دل بهذا على أن في المرة الأولى قد دخلوا المسجد أيضا، وإن لم يذكر ذلك، ومعناه: وليدخل هؤلاء المسجد كما دخله أولئك أول مرة * (وليتبروا ما علوا تتبيرا) * أي: وليدمروا ويهلكوا ما غلبوا عليه من بلادكم تدميرا. ويجوز أن يكون * (ما) * مع الفعل بتأويل المصدر، والمضاف محذوف، أي: ليتبروا مدة علوهم * (عسى ربكم) * يا بني إسرائيل.
* (أن يرحمكم) * بعد انتقامه منكم إن تبتم ورجعتم إلى طاعته * (وإن عدتم عدنا) * معناه: وإن عدتم إلى الفساد، عدنا بكم إلى العقاب لكم، والتسليط عليكم، كما فعلناه فيما مضى، عن ابن عباس، قال: إنهم عادوا بعد الأولى والثانية، فسلط الله عليهم المؤمنين يقتلونهم، ويأخذون منهم الجزية إلى يوم القيامة * (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) * أي: سجنا ومحبسا، عن ابن عباس.
القصة: اختلف المفسرون في القصة عن هاتين الكرتين، اختلافا شديدا، فالأولى أن نورد من جملتها ما هو الأهم على سبيل الإيجاز، قالوا: لما عتا بنو إسرائيل في المرة الأولى، سلط الله عليهم ملك فارس. وقيل: بختنصر. وقيل ملكا من ملوك بابل. فخرج إليهم وحاصرهم، وفتح بيت المقدس. وقيل: إن بخت نصر ملك بابل بعد سنحاريب، وكان من جيش نمرود، وكان لزانية لا أب له، فظهر على بيت المقدس، وخرب المسجد، وأحرق التوراة، وألقى الجيف في المسجد، وقتل على دم يحيى سبعين ألفا، وسبى ذراريهم، وأغار عليهم، وأخرج أموالهم، وسبى