الفساد، وما لا ينبغي أن يختار. وقيل: إن الحكمة هي المعرفة بمراتب الأفعال في الحسن والقبح، والصلاح والفساد، لأن بمعرفة ذلك يقع المنع من الفساد، والاستعمال للصدق والصواب في الأفعال والأقوال.
* (والموعظة الحسنة) * معناه الوعظ الحسن، وهو الصرف عن القبيح على وجه الترغيب في تركه، والتزهيد في فعله، وفي ذلك تليين القلوب بما يوجب الخشوع.
وقيل: إن الحكمة هي النبوة، والموعظة الحسنة مواعظ القرآن، عن ابن عباس.
* (وجادلهم بالتي هي أحسن) * أي: ناظرهم بالقرآن، وبأحسن ما عندك من الحجج، وتقديره بالكلمة التي هي أحسن. والمعنى: اقتل المشركين واصرفهم عما هم عليه من الشرك، بالرفق والسكينة، ولين الجانب في النصيحة، ليكونوا أقرب إلى الإجابة فإن الجدل هو فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج، وقيل: هو أن يجادلهم على قدر ما يحتملونه، كما جاء في الحديث: (أمرنا معاشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم).
* (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله) * أي: عن دينه * (وهو أعلم بالمهتدين) * أي: القابلين للهدى، وهو يأمرك في الفريقين بما فيه الصلاح * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * معناه: وإن أردتم معاقبة غيركم على وجه المجازاة والمكافأة، فعاقبوا بقدر ما عوقبتم به، ولا تزيدوا عليه، وقالوا: إن المشركين لما مثلوا بقتلى أحد، وبحمزة بن عبد المطلب، فشقوا بطنه، وأخذت هند بنت عتبة كبده، فجعلت تلوكه، وجدعوا أنفه وأذنه، وقطعوا مذاكيره، قال المسلمون: لئن أمكنا الله منهم لنمثلن بالأحياء، فضلا عن الأموات، فنزلت الآية عن الشعبي، وقتادة، وعطا بن يسار.
وقيل: إن الآية عامة في كل ظلم، كغصب أو نحوه، فإنما يجازى بمثل ما عمل، عن مجاهد، وابن سيرين، وإبراهيم. وقال الحسن: نزلت الآية قبل أن يؤمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بقتال المشركين على العموم، وأمر بقتال من قاتله، ونظيره قوله * (فإن قاتلوكم فاقتلوهم) *، * (ولئن صبرتم) * أي: تركتم المكافأة والقصاص، وجرعتم مرارته * (لهو خير للصابرين) * معناه: الصبر خير وأنفع للصابرين، لما فيه من جزيل الثواب. * (واصبر) * يا محمد فيما تبلغه من الرسالة، وفيما تلقاه من الأذى.
وقيل: معناه اصبر على ما يجب الصبر عليه، وعما يجب الصبر عنه * (وما صبرك إلا