المعنى: أمرناهم بالطاعة فعصوا وفسقوا. ومن قرأ * (آمرنا) * فإنه يكون أفعلنا من أمر القوم، إذا كثروا، وأمرهم الله، وكذلك إن ضاعف العين، فقال * (أمرنا) *، ويقوي حمل أمرنا على النقل من أمر، وأن لا يجعل من الأمر الذي هو خلاف النهي، أن الأمر بالطاعة على هذا يكون مقصورا على المترفين، فقد أمر الله بطاعته جميع خلقه من مترف وغيره، ويحمل * (أمرنا) * على أنه مثل أمرنا. ونظير هذا كثر، وأكثره الله، وكثره، ولا يحمل * (أمرنا) * على أن المعنى جعلناهم أمراء، لأنه لا يكاد يكون في قرية واحدة جماعة أمراء. فإن قلت: يكون منهم الواحد بعد الواحد، فإنهم إذا كانوا كذلك لا يكثرون في حال، وإنما يهلك بكثرة المعاصي في الأرض، وعلى هذا جاء الأمر في التنزيل: * (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون) * فأمرنا بالخروج من الأرض التي تكثر فيها المعاصي إلى ما كان بخلاف هذه الصفة. ومما جاء فيه أمر بمعنى الكثرة، قول زهير:
والإثم من شر ما يصال به، والبر كالغيث نبته أمر وأما * (أمرنا) * فقد روى ابن جني بإسناده، عن أبي حاتم قال: قال أبو زيد:
يقال: أمر الله ماله وآمره. ومن قال إن أمرنا لا يكون بمعنى أكثرنا، قال في قوله * (خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة) * (1) إن معنى مأمورة مؤمرة، فإنما قال هذه لمكان الازدواج، كما قالوا الغدايا والعشايا والغداة لا تجمع على الغدايا، لكن قيل ذلك ليزدوج الكلام.
اللغة: الترفه: النعمة، قال ابن عرفة: المترف المتروك يصنع ما يشاء، ولا يمنع منه. والتدمير، والإهلاك، والدمار: الهلاك. ويقال: ذممته وذاميته، وذمته، فهو مذموم ومذؤوم ومذيم بمعنى. ويكون ذأمته بمعنى طردته. ويقال: اصنع ذاك وخلاك ذم أي: ولا ذم عليك. والدحر: الإبعاد والمدحور: المبعد والمطرود، يقال: اللهم ادحر عنا الشيطان أي: أبعده.
الاعراب: * (كم أهلكنا) *: موضع * (كم) * نصب بأهلكنا، ودخلت الباء في