فشربت الماء، ثم غطيته كما كان. فسألوهم هل وجدوا الماء في القدح، قالوا:
هذه آية واحدة. قال: ومررت بعير بني فلان، فنفرت بكرة فلان،. فانكسرت يدها، فسألوهم عن ذلك، فقالوا: هذه آية أخرى. قالوا: فأخبرنا عن عيرنا؟ قال: مررت بها بالتنعيم، وبين لهم إجمالها وهيئاتها. وقال: تقدمها جمل أورق، عليه قرارتان محيطتان، ويطلع عليكم عند طلوع الشمس. قالوا: هذه آية أخرى. ثم خرجوا يشتدون نحو التيه، وهم يقولون: لقد قضى محمد بيننا وبينه قضاء بينا. وجلسوا ينتظرون حتى تطلع الشمس فيكذبوه. فقال قائل: والله إن الشمس قد طلعت. وقال آخر والله هذه الإبل قد طاعت، يقدمها بعير أورق، فبهتوا ولم يؤمنوا.
وفي تفسير العياشي بالإسناد عن أبي بكر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلى السماء الدنيا، لي يمر بأحد من الملائكة إلا استبشر، قال: ثم مر بملك حزين كئيب، فلم يستبشر به، فقال: يا جبرائيل ما مررت بأحد من الملائكة إلا استبشر بي إلا هذا الملك، فمن هذا؟ فقال: هذا مالك خازن جهنم، وهكذا جعله الله. قال: فقال له النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبرائيل!
أسأله أن يرينيها. قال: فقال جبرائيل عليه السلام: يا مالك: هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد شكا إلي. فقال: ما مررت بأحد من الملائكة إلا استبشر بي، إلا هذا، فأخبرته أن هكذا جعله الله، وقد سألني أن أسألك أن تريه جهنم؟ قال:
فكشف له عن طبق من أطباقها، قال: فما رئي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ضاحكا حتى قبض. وعن أبي بصير قال: سمعته يقول: إن جبرائيل احتمل رسول الله حتى انتهى به إلى مكان من السماء، ثم تركه وقال له: ما وطأ نبي قط مكانك.
المعنى: * (سبحان الذي أسرى بعبده) * سبحان كلمة تنزيه وإبراء لله، عز اسمه، عما لا يليق به من الصفات، وقد يراد به التعجيب، يعني: سبحان الذي سير عبده محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، وهو عجيب من قدرة الله تعالى، وتعجيب ممن لم يقدر الله حق قدره، وأشرك به غيره، وسرى بالليل، وأسرى بمعنى. وقد عدي هنا بالباء، والوجه في التأويل أنه إذا كان مشاهدة العجب سببا للتسبيح صار التسبيح تعجبا، فقيل: سبح أي: عجب * (ليلا) * قالوا: كان ذلك الليل قبل الهجرة بسنة * (من المسجد الحرام) * وقال أكثر المفسرين: أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من دار أم هاني، أخت علي بن أبي طالب، وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي،