سبعين ألفا، وذهب بهم إلى بابل فبقوا في يده مائة سنة، يستعبدهم المجوس وأولادهم. ثم تفضل الله عليهم بالرحمة، فأمر ملكا من ملوك فارس، عارفا بالله سبحانه وتعالى، فردهم إلى بيت المقدس. فأقاموا به مائة سنة على الطريق المستقيم، والطاعة والعبادة. ثم عادوا إلى الفساد والمعاصي، فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه انطياخوس، فخرب بيت المقدس، وسبى أهله. وقيل: غزاهم ملك الرومية، وسباهم، عن حذيفة.
وقال محمد بن إسحاق كان بنو إسرائيل يعصون الله تعالى، وفيهم الأحداث، والله يتجاوز عنهم. وكان أول ما نزل بهم بسبب ذنوبهم أن الله تعالى بعث إليهم شعيا قبل مبعث زكريا، وشعيا هو الذي بشر بعيسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكان لبني إسرائيل ملك كان شعيا يرشده ويسدده، فمرض الملك، وجاء سنحاريب إلى باب بيت المقدس بستمائة ألف راية فدعا الله سبحانه شعيا، فبرأ الملك، ومات جمع سنحاريب، ولم ينج منهم إلا خمسة نفر، منهم سنحاريب، فهرب وأرسلوا خلفه من أخذه.
ثم أمر سبحانه بإطلاقه ليخبر قومه بما نزل بهم، فأطلقوه، وهلك سنحاريب بعد ذلك بسبع سنين، واستخلف بخت نصر ابن ابنه، فلبث سبع عشرة سنة وهلك ملك بني إسرائيل، ومرج أمرهم، وتنافسوا في الملك، فقتل بعضهم بعضا، فقام شعيا فيهم خطيبا، ووعظهم بعظات بليغة، وأمرهم ونهاهم، فهموا بقتله، فهرب ودخل شجرة، فقطعوا الشجرة بالمنشار. فبعث الله إليهم إرميا من سبط هارون، ثم خرج من بينهم لما رأى من أمرهم. ودخل بخت نصر وجنوده بيت المقدس، وفعل ما فعل، ثم رجع إلى بابل بسبايا بني إسرائيل. وكانت هذه الدفعة الأولى.
وقيل أيضا: إن سبب ذلك كان قتل يحيى بن زكريا، وذلك أن ملك بني إسرائيل أراد أن يتزوج بنت امرأته، فنهاه يحيى، وبلغ أمها، فحقدت عليه، وبعثته على قتله، فقتله. وقيل: إنه لم يزل دم يحيى بن زكريا يغلي، حتى قتل بخت نصر منهم سبعين ألفا، أو اثنين وسبعين ألفا، ثم سكن الدم. وذكر الجميع: إن يحيى بن زكريا هو المقتول في الفساد الثاني، قال مقاتل: كان بين فساد الأول والثاني مائتا سنة وعشر سنين. وقيل: إنما غزا بني إسرائيل في المرة الأولى بخت نصر، وفي المرة الثانية ملوك فارس والروم، وذلك حين فتلوا يحيى، فقتلوا منهم