نحو قوله * (وحسن أولئك رفيقا) * فإذا حمل على هذا، كان مفعولا ثانيا في قراءة من قرأ بالتاء والياء. ويجوز أن يكون نداء، وذلك على قراءة من قرأ بالتاء، لأن النداء للخطاب. ولو رفع * (ذرية) * على البدل من الضمير المرفوع في * (أن لا تتخذوا) * كان جائزا، ويكون التقدير ألا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلا. ولو جعلته مجردا بدلا من قولك بني إسرائيل، جاز، وكان التقدير: وجعلناه هدى لذرية من حملنا مع نوح.
النزول: قيل: نزلت الآية في إسرائه، وكان ذلك بمكة. صلى المغرب في المسجد الحرام. ثم أسري به في ليلته. ثم رجع فصلى الصبح في المسجد الحرام. فأما الموضع الذي أسري إليه أين كان: فإن الإسراء إلى بيت المقدس، وقد نطق به القرآن، ولا يدفعه مسلم. وما قاله بعضهم: إن ذلك كان في النوم، فظاهر البطلان، إذ لا معجز يكون فيه، ولا برهان. وقد وردت روايات كثيرة في قصة المعراج في عروج نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، إلى السماء، ورواه كثير من الصحابة مثل ابن عباس، وابن مسعود، وأنس، وجابر بن عبد الله، وحذيفة، وعائشة، وأم هاني، وغيرهم، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وزاد بعضهم ونقص بعض.
وتنقسم جملتها إلى أربعة أوجه أحدها: ما يقطع على صحته لتواتر الأخبار به، وإحاطة العلم بصحته وثانيها: ما ورد في ذلك مما تجوزه العقول، ولا تأباه الأصول، فنحن نجوزه، ثم نقطع على أن ذلك كان في يقظته دون منامه وثالثها: ما يكون ظاهره مخالفا لبعض الأصول، إلا أنه يمكن تأويلها على وجه يوافق المعقول، فالأولى أن نؤوله على ما يطابق الحق والدليل ورابعها: ما لا يصح ظاهره، ولا يمكن تأويله إلا على التعسف البعيد، فالأولى أن لا نقبله.
فأما الأول المقطوع به: فهو أنه أسري به على الجملة. وأما الثاني: فمنه ما روي أنه طاف في السماوات ورأى الأنبياء، والعرش، والسدرة المنتهى، والجنة والنار، ونحو ذلك. وأما الثالث: فنحو ما روي أنه رأى قوما في الجنة يتنعمون فيها، وقوما في النار يعذبون فيها، فيحمل على أنه رأى صفتهم أو أسماءهم. وأما الرابع: فنحو ما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم، كلم الله سبحانه جهرة، ورآه، وقعد معه على سريره، ونحو ذلك مما يوجب ظاهره التشبيه، والله سبحانه يتقدس عن ذلك، وكذلك ما روي أنه شق بطنه وغسله، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم، كان طاهرا مطهرا من كل سوء