من سري، استودعته قلب من أحببته من عبادي ". وروي عن أبي إدريس الخولاني، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن لكل حق حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمد على شئ من عمل الله ". وقال سعيد بن جبير: الإخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله لله ولا يشرك به في دينه، ولا يرائي بعمله أحدا. وقيل:
الإخلاص أن تستوي أعمال العبد في الظاهر والباطن. وقيل: هو ما استتر من الخلائق، واستصفى من العلائق. وقيل: هو ان يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.
(أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعلمون (140)).
القراءة: قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر وابن عامر: (أم تقولون) بالتاء.
والباقون بالياء.
الحجة: الأول: على الخطاب، فتكون (أم) متصلة بما قبلها من الاستفهام، كأنه قال: أتحاجوننا في الله، أم تقولون إن الأنبياء كانوا على دينكم؟ والتقدير بأي الحجتين تتعلقون في أمرنا بالتوحيد، فنحن موحدون أم باتباع دين الأنبياء، فنحن لهم متبعون؟ والثاني: وهو القراءة بالياء على العدول من الحجاج الأول إلى حجاج آخر، فكأنه قال: بل تقولون إن الأنبياء من قبل أن تنزل التوراة والإنجيل، كانوا هودا أو نصارى، وتكون أم هذه هي المنقطعة، فيكون قد أعرض عن خطابهم استجهالا لهم بما كان منهم، كما يقبل العالم على من بحضرته بعد ارتكاب مخاطبه جهالة شنيعة، فيقول: قد قامت عليه الحجة، أم يقول بإبطال النظر المؤدي إلى المعرفة.
اللغة: الأعلم والأعرف والأدرى بمعنى واحد. والأظلم والأجور والأعتى نظائر. وأفعل هذه تستعمل بمعنى الزيادة، وإنما يصح معناه فيما يقع فيه التزايد كقولهم أفضل وأطول. وقد قال المحققون: الصفات على ثلاثة أضرب صفة ذات، وصفة تحصل بالفاعل، وصفة تحصل بالمعنى. فالأول: مثل كون الذات جوهرا أو سوادا وهذا لا يصح فيه التزايد والثاني: كالوجود، ولا يصح فيه أيضا التزايد والثالث: على ضربين أحدهما يصح فيه التزايد، وهو