على (هو ربنا وربكم)، (ونحن له مخلصون): كذلك.
المعنى: أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية، أن يقول لهؤلاء اليهود وغيرهم: (أتحاجوننا في الله) ومعناه في دين الله أي: أتخاصموننا وتجادلوننا فيه، وهو سبحانه خالقنا، والمنعم علينا، وخالقكم والمنعم عليكم. واختلف في محاجتهم كيف كان، فقيل: كانت محاجتهم للنبي عليه السلام، أنهم يزعمون أنهم أولى بالحق لتقدم النبوة فيهم والكتاب. وقيل: بل كانت محاجتهم أنهم قالوا: نحن أحق بالإيمان من العرب الذين عبدوا الأوثان. وقيل: كانت محاجتهم أنهم قالوا: يا محمد! إن الأنبياء كانوا منا، ولم يكن من العرب نبي، فلو كنت نبيا لكنت منا.
وقال الحسن كانت محاجتهم أن قالوا (نحن أولى بالله منكم)، وقالوا: (نحن أبناء الله وأحباؤه)، وقالوا (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) وكان غرضهم بذلك أن الدين يلتمس من جهتهم وأن النبوة أولى أن تكون فيهم.
فبين سبحانه أنه أعلم بتدبير خلقه بقوله: (وهو ربنا وربكم) أي: خالقنا وخالقكم، فهو أعلم حيث يجعل رسالته، ومن الذي يقوم بأعبائها (1) ويتحملها على وجه يكون أصلح للخلق، وأولى بتدبيرهم. وقوله: (ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم) أي: لنا ديننا ولكم دينكم. وقيل: معناه ما علينا مضرة من أعمالكم، وما لكم منفعة من أعمالنا. فضرر أعمالكم عليكم، ونفع أعمالنا لنا. وقيل: إنه إنكار لقولهم إن العرب تعبد الأوثان، وبيان لأن لا حجة فيه، إذ كل مأخوذ بما كسبت يداه، ولا يؤخذ أحد بجرم غيره. وقوله: (ونحن له مخلصون) أي: موحدون. والمراد بذلك أن المخلص أولى بالحق من المشرك. وقيل: معناه الرد عليهم ما احتجوا به من عبادة العرب للأوثان، فكأنه قال: لا عيب علينا في ذلك، إذا كنا موحدين، كما لا عيب عليكم بفعل من عبد العجل من أسلافكم، إذا اعتقدتم الانكار عليهم في ذلك.
فصل في ذكر الإخلاص:
روي عن حذيفة بن اليمان قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإخلاص ما هو؟
قال: " سألت جبريل عليه السلام عن ذلك، قال: سألت رب العزة عن ذلك فقال هو سر