الاعراب: حذفت الفاء من قوله (قالوا أتتخذنا هزوا) لاستغناء ما قبله من الكلام عنه وحسن الوقف على قوله: (إن تذبحوا بقرة) كما حسن اسقاطها من قوله: (قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا) ولم يقل فقالوا، ولو قيل بالفاء لكان حسنا، ولو قلت قمت ففعلت لم يجز اسقاط الفاء، لأنها عطف لا استفهام يحسن السكوت عليه. وقوله: (هزوا) لا يخلو من أحد أمرين:
أحدهما: أن يكون المضاف محذوفا، لأن الهزء حدث والمفعول الثاني من تتخذ يكون الأول نحو قوله (لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) والثاني: أن يكون الهزؤ بمعنى المهزوء به مثل الصيد في قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر) ونحوه، وكما يقال: رجل رضي أي: مرضي، أقام المصدر مقام المفعول. وأما قوله تعالى (لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا) فلا يحتاج فيه إلى تقدير (1) محذوف، لأن الدين ليس بعين. وقوله: (أعوذ بالله) أصله أعوذ، فنقلت الضمة من الواو إلى الساكن قبلها من غير استثقال لذلك، غير أنه لما أعلت عين الماضي لتحركها، وانفتاح ما قبلها، أعلت عين المضارع أيضا ليجري الباب على سنن واحد، وكذلك القول في أعاذ يعيذ، واستعاذ يستعيذ، والأصل أعوذ يعوذ، واستعوذ يستعوذ.
وقوله (لا فارض ولا بكر) قال الأخفش: ارتفع ولم ينتصب كما ينتصب المنفي، لأنه صفة لبقرة. وقوله: (عوان) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: هي عوان. وقال الزجاج: ارتفع (فارض) باضمار هي أي: هي لا فارض ولا بكر. قال: وإنما جاز " بين ذلك " وبين لا يكون إلا مع اثنين أو أكثر، لأن ذلك ينوب عن الجمل، تقول ظننت زيدا قائما، فيقول القائل قد ظننت ذاك، وظننت ذلك.
قال أبو علي: لا يخلو ذلك فيما ذكره من قولهم ظننت ذلك من أن يكون إشارة إلى المصدر، كما ذهب إليه سيبويه، أو يكون إشارة إلى أحد مفعولي ظننت، وأن تكون نائبة عن الجملة، كما قاله أبو إسحاق. ولا يجوز أن يكون إشارة إلى أحد المفعولين، لأنه لو كان كذلك للزم أن يذكر الآخر كما لو أنك ذكرت اسم المشار إليه، للزم فيه ذلك، وكما أنك إذا ذكرت المبتدأ، لزمك ذكر الخبر، أو يعلم من الحال ما يقوم مقام ذكرك له. ولا يجوز أن تكون نائبة عن الجملة هنا، ولا إشارة