المبتدأ والخبر، فصار بمنزلة قولك: ظننت زيدا كعمرو. ويجوز في الإعراب الرفع في بعوضة، وإن لم تجز القراءة به، وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف في صلة " ما " فكأنه قال الذي هو بعوضة، كقراءة من قرأ تماما على الذي أحسن بالرفع. وهذا عند سيبويه ضعيف، وهو في الذي أقوى، لأن الذي أطول، وليس للذي مذهب غير الأسماء. والثاني:
على الجواب كأنه لما قيل (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما) قيل ما هو؟
فقيل: " بعوضة " أي: بعوضة كما تقول: مررت برجل زيد أي: هو زيد، فتكون (ما) على هذا الوجه نكرة مجردة من الصفة والصلة. وقوله (فأما الذين آمنوا) لغة العرب جميعا بالتشديد، وكثير من بني تميم يقولون: إيما فلان، فيفعل كذا. وأنشد بعضهم (1):
مبتلة هيفاء أيما وشاحها * فيجري، وأيما الحجل منها فلا يجري وهي كلمة تجئ في شيئين، أو أشياء، يفصل القول بينهما، كقولك: اما زيد فمحسن، وأما عمرو فمسئ. فزيد: مبتدأ، ومحسن: خبره. وفيها معنى الشرط والجزاء، وتقديره: مهما يكن من شئ فزيد محسن. ثم أقيم " أما " مقام الشرط، فيحصل أما فزيد محسن، ثم أخر الفاء إلى الخبر، لإصلاح اللفظ، ولكراهة أن تقع الفاء التي للتعقيب في أول الكلام. فقوله (الذين آمنوا) على هذا يكون مبتدأ، ويعلمون: خبره. وكذلك " الذين كفروا " مبتدأ، ويقولون: خبره.
وقوله " ماذا أراد الله بهذا مثلا " ما: استفهام، وهو اسم في موضع الرفع بالابتداء، وذا: بمعنى الذي، وصلته ما بعده، وهو في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ، تقديره:
أي شئ الذي أراد الله. فعلى هذا يكون الجواب رفعا كقولك البيان لحال الذي ضرب له المثل، ويحتمل أن يكون ما وذا بمنزلة اسم واحد، تقديره أي شئ أراد الله. فيكون في موضع نصب بأنه مفعول أراد. فعلى هذا يكون الجواب نصبا كقولك البيان لحال من ضرب له المثل. ومثال الأول قوله تعالى: (ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) ومثال الثاني: قوله (ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ومثلا) منصوب على الحال. وقيل: على القطع. وقيل: على التفسير.