اسم " لعل ". و " تتقون ": جملة في موضع الرفع بأنه خبره.
المعنى: هذا الخطاب متوجه إلى جميع الناس، مؤمنهم وكافرهم، إلا من ليس بمكلف من الأطفال والمجانين. وروي عن ابن عباس والحسن أن ما في القرآن من " يا أيها الناس " فإنه نزل بمكة، وما فيه من " يا أيها الذين آمنوا " فإنه نزل بالمدينة " اعبدوا ربكم " أي: تقربوا إليه بفعل العبادة، وعن ابن عباس أنه قال: معناه وحدوه. وقوله " الذي خلقكم ": أي أوجدكم بعد أن لم تكونوا موجودين، وأوجد من تقدم زمانكم من الخلائق والبشر. بين سبحانه نعمه عليهم، وعلى آبائهم، لأن نعمه عليهم لا تتم إلا بنعمه على آبائهم. و " لعلكم تتقون " أي: خلقكم لتتقوه وتعبدوه كقوله (1) تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وقيل: معناه اعبدوه لتتقوا. وقيل: معناه لعلكم تتقون الحرمات بينكم، وتكفون عما حرم الله. وهذا كما يقول القائل:
إقبل قولي لعلك ترشد، فليس أنه من ذلك على شك، وإنما يريد اقبله ترشد، وإنما أدخل الكلام " لعل " ترقيقا للموعظة، وتقريبا لها من قلب الموعوظ.
ويقول القائل لأجيره: إعمل لعلك تأخذ الأجرة، وليس يريد بذلك الشك، وإنما يريد لتأخذ أجرتك. ومثله قول الشاعر:
وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا * نكف، ووثقتم لنا كل موثق فلما كففنا الحرب، كانت عهودكم * كلمح سراب في الملا متألق أراد: قلتم لنا كفوا لنكف، لأنه لو كان شاكا لما قال " وثقتم كل موثق ". وقال سيبويه: إنما وردت لفظة " لعل " على أنه ترج للمخاطبين، كما قال (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) وأراد بذلك الإبهام على موسى وهارون، فكأنه قال اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما والله عز وجل من وراء ذلك، وعالم بما يؤول إليه أمر فرعون. وقيل: فائدة إيراد لفظة " لعل " هي أن لا يحل العبد أبدا محل الامن المدل بعمله (2)، بل يزداد حالا بعد حال، حرصا على العمل، وحذرا من تركه. وأكثر ما جاءت لفظة (لعل) وغيرها من معاني الشك، فيما يتعلق بالآخرة في دار الدنيا، فإذا ذكرت الآخرة مفردة، جاء اليقين. وقيل: معناه لعلكم توقون النار في ظنكم