وأين ذهبت عانية الصحابة بهذا " المثل " فلم يكتبوه كما كتبوا القرآن في زمن أبي بكر وعند ما نسخ في عهد عثمان ووزعت نسخه على الأمصار؟
إلا إنهم بإهمالهم هذا الأمر الخطير إنما يكونون قد تركوا " نصف الوحي " بغير تدوين، ويصبحون بذلك جميعا من الآثمين (1).
الصحابة ورواية الحديث إذا كانت الآثار الصحيحة قد جاءت في نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن كتابة حديثه، والأخبار الوثيقة قد ترادفت بأن صحابته قد استمعوا إلى نهيه، ولم يكتبوا حديثه بعد موته - كما علمت مما مر بك - فإنا نجد هؤلاء الصحابة لم يقف بهم الأمر عند ذلك، وإنما كانوا يرغبون عن رواية الحديث وينهون عنها وأنهم كانوا يتشددون في قبول الأخبار تشديدا قويا.
روى الذهبي في تذكرة الحفاظ قال: من مراسيل ابن أبي مليكة (2) أن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه.
وروى ابن عساكر عن محمد بن إسحاق قال: أخبرني صالح بن إبراهيم