أضواء على السنة المحمدية - محمود أبو رية - الصفحة ١٥٨
صغير منها على سبيل المثال:
قال معاوية لكعب: أنت تقول إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا! فقال كعب: إن قلت ذلك فإن الله قال: وآتيناه من كل شئ سببا!!
قال ابن كثير في تفسيره (1) وهذا الذي أنكره معاوية على كعب هو الصواب، والحق مع معاوية في ذلك الإنكار، فإن معاوية كان يقول عن كعب: إنا كنا لنبلو عليه الكذب، وذكر القرطبي في تفسير سورة غافر عن خالد بن معدان عن كعب أنه قال: لما خلق الله تعالى العرش قال: لم يخلق الله تعالى خلقا أعظم مني، واهتز تعاظما، فطوقه الله بحية لها سبعون ألف جناح، في كل جناح سبعون ألف ريشة، في كل ريشة سبعون ألف وجه، في كل وجه سبعون ألف فم، في كل فم سبعون ألف لسان! يخرج من أفواهها كل يوم من التسبيح عدد قطر المطر، وعدد ورق الشجر، وعدد الحصى والثرى، وعدد أيام الدنيا، وعدد الملائكة أجمعين، والتوت الحية على العرش - فالعرش إلى نصف الحية وهي ملتوية عليه، فتواضع عند ذلك!
وفي التفسير (2) أن عبد الله بن قلابة خرج في طلب إبل له فوصل إلى جنة شداد فحمل ما قدر عليه مما كان هناك، وبلغ خبره معاوية فاستحضره وقص عليه، فبعث إلى كعب فسأله، فقال: هي إرم ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال. وعلى عنقه خال، يخرج في طلب إبل له، ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال: هذا والله هو ذلك الرجل (3)

(١) ص ١٠١ ج 3.
(2) اللفظ هنا منقول عن تفاسير الفخر الرازي والطبري وأبي السعود والنيسابوري على هامش تفسير الطبري ص 87 ج 3.
(3) من أساطيرهم أنه كان لعاد ابنان، شداد وشديد، فملكا وقهرا البلاد، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد، فملك الدنيا ودانت له ملوكها، فسمع بذكر الجنة فقال أبني مثلها. فبنى إرم في بعض صحارى عدن في 300 سنة، وكان عمره 900 سنة، وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار والأنهار، ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا..
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست