مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٨
أولى لئلا يلزم ارتكاب المجاز وفيه أن ارتكاب خلاف الظاهر في هذا المعنى أيضا لازم من جهة لزوم التكرار في قوله سبحانه أو على سفر مع أن في الأول يمكن أن يحل اللفظ على حقيقته بدون ارتكاب مجاز لان الدخول في مواضع الصلاة قرب منها واعلم إن لكل من الوجهين مرجحات ومضعفات مذكورة في موضعها ولا يصحل منها ترجيح تام لأحدهما لكن ما رواه الصدوق (ره) في كتاب علل الشرايع في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قلت له الحايض والجنب يدخلان المسجد أم لا قال لا يدخلان المسجد إلا مجتازين إن الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا مرجح قوي للمعنى الأول وبذلك يندفع الايراد المذكور عن الاستدلال ثم أن الشهيد الثاني (ره) قال بعدما نقلناه عند وذكر الغسل في الآية لكونه أصلا اختياريا وهو لا ينفي الاضطراري إذا دخل بدليل آخر انتهى ولا يخفى أن ما ذكرناه من وجه الاكتفاء بالغسل وجعله غاية للتحريم وجه ظاهر قريب لكن الكلام في وجود دليل دال على كون التيمم بدلا اضطراريا له لان ما ذكره من الوجوه غير تام كما بينا ولما كان هذا المقام موضع إشكال واشتباه فلا علينا أن نشبع الكلام فيه و نوضحه بقدر ما بلغ إليه فهمنا وطاقتنا حفظنا الله تعالى عن الخطأ والتقصير فنقول أعلم أن للأصحاب رضوان الله عليهم عبارتين أحديهما أن التيمم يبيح كلما يبيحه المائية والثانية أنه يجب لما يجب له الطهارتان واستدل على الأولى بالروايات الدالة على كون التيمم والتراب طهورا من الروايتين السابقتين وغيرهما مما سنذكره بعد وبقوله (عليه السلام) لأبي ذر المتقدم وقد عرفت الحال فيهما وبما رواه الشيخ (ره) في التهذيب في أواسط باب التيمم في الصحيح عن حماد بن عثمان قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل لا يجد الماء أيتيمم لكل صلاة قال لا هو بمنزلة الماء وفيه أن لفظ المنزلة لا نسلم عمومه عرفا بل هو بمنزلة الماء وفيه أن لفظ المنزلة لا نسلم عمومه عرفا بل هو بمنزلة الألفاظ المجملة والسؤال قرينة ظاهره ها هنا على أن المراد أنه بمنزلة الماء في استباحة صلوات كثيرة به وأما دلالته على أزيد من ذلك فمما يأباه الوجدان ومما يمكن أن يستدل به على الثانية أنه لما ثبت أنه يستباح به كل ما يستباح بالطهارتين فإذا كان شئ من غايات الطهارتين واجبا ولم نقدر عليهما فلا شك في وجوب التيمم حينئذ لان الاتيان بذلك الواجب صحيحا ممكن حينئذ إذ المفروض استباحته بالتيمم وهو موقوف على التيمم وما يتوقف عليه الواجب واجب فيكون واجبا كما هو معتقدهم وفيه أنه موقوف على المقدمة الأولى ولم يثبت والسيد الفاضل صاحب المدارك (ره) رجح أن التيمم يبيح كلما يبيحه المائية واستدل عليه ببعض ما ذكرنا ثم قال فمما ثبت توقفه على مطلق الطهارة من العبادات يجب له التيمم وما ثبت توقفه على نوع خاص منها كالغسل في صوم الجنب مثلا فالأظهر عدم وجوب التيمم له مع تعذره إذ لا ملازمة بينهما فتأمل انتهى ولا يخفى ما فيه من الخلل والاضطراب لان مراده (ره) بقوله فما ثبت توقفه إلى آخره أما أن ما ثبت توقفه على طبيعة الطهارة بدون خصوصية فرد يجب له التيمم وما يتوقف على خصوص فرد لا يجب ففيه أن تفريع هذا المعنى على إباحته لكل ما يبيحه الطهارتان غير موجه لأنه على التقدير المذكور ينبغي أن يجب لكل ما يجبان له كما قررنا آنفا إلا أن يكون نظره إلى الدقيقة التي سنذكرها بعد وحينئذ يبقى عليه بحث لفظي فقط لا معنوي من جهة عدم حسن التفريع لان هذا المعنى بناء على الدقيقة المذكورة لا يتفرع على إباحته لكل ما يبيحانه بل على أمر آخر والامر فيه سهل لكن سنذكر إنشاء الله تعالى عند ذكر هذه الدقيقة أنه ليس نظره إليها فانتظر وأيضا فيه أنه مناف لما سيرجحه بعد من وجوب التيمم لدخول المساجد ومس خط المصحف ونحوهما بناء على هذه الدلايل إذ ظاهر أن هذه الأمور ليس مما يثبت توقفه على طبيعة الطهارة فقط بل على فرد خاص كما في صوم الجنب بعينه وأما أن ما ثبت توقفه على فرد ما من الطهارة يجب له التيمم وهذا أيضا مثل سابقه بعينه وأما أن ما يتوقف على كل فرد من الطهارة يجب له وما ليس فلا كالغسل لصوم الجنب فإنه لا يتوقف على بعض الافراد لصحته من المحدث بالحدث الأصغر وفيه أيضا أن تفريعه على ظاهر قوله إن التيمم يبيح كلما يبيحه المائية ليس بصواب وهو ظاهر إلا أن يؤول بأنه يبيح كلما يبيحه جميع الطهارات المائية وفيه بعد مع أن دلالة الأدلة التي أوردها يصير حينئذ أضعف وأيضا أنه مناف لحكمه بوجوب التيمم للأمور التي ذكرنا آنفا لأنها أيضا ليست مما يتوقف على جميع الطهارات وإن وجه الكلام بأن مراده (ره) أن التيمم يبيح كلما يبيحه فرد من أفراد الطهارة المائية من حيث أنه فرد للطهارة ولا يستلزم هذا المعنى وجوب التيمم لجميع ما يجب له الوضوء والغسل إذ يجوز أن يتوقف شئ على أحدهما لا من حيث أنه فرد للطهارة والفرق بينه وبين التوجيه الأول ظاهر ففيه أيضا أنه حينئذ بم عرفت أن الصوم موقوف على الغسل لا من حيث أنه فرد الطهارة ودخول المسجد مثلا موقوف عليه من تلك الحيثية بل ظاهر أنه لا فرق بينهما نعم لو لم يقل أحد بتوقف صحة الصوم عليه بل بوجوبه له فقط ولزوم القضاء والكفارة مع صحة الصوم في نفسه كما يشعر به كلام بعض علمائنا (ره) لم يكن القول به بعيد جدا لأنه لما كان صحيحا مع الحدث فوجوب الغسل له يمكن أن يقال أنه ليس لأجل فرديته للطهارة لكن حينئذ يبقى الكلام في تحقق معنى الوجوب للصوم فيه فتدبر والعجب أنه (ره) قبل هذا الكلام أورد على عبارة المصنف المحقق (ره) والمندوب ما عدا ذلك بعد أن قال التيمم يجب للصلاة ولخروج الجنب من المسجدين أن هذا الاطلاق مناف لما سيصرح به من إباحة التيمم لكل ما يبيحه المائية فإنه يقتضي وجوب التعميم عند وجوب ما لا يستباح إلا به انتهى ثم حكم نفسه بأن التيمم يبيح كل ما يبيحه المائية مع أنه لم يجب لما يجبا له ولعله له
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336