لها في العرف وأما الشرع فصدقها على الوضوء والغسل في الجملة فمما لا ريب فيه وكذا على التيمم أيضا لما تقدم وأما صدقها على المبيح أو الرافع من الثلاثة أو الأعم منهما بحيث يشمل وضوء الحايض مثلا ففيه خفاء وكأنه لا فائدة يعتد بها في تحقيقه والثاني أن ينذر خصوص أفرادها وحينئذ الظاهر الامتثال بكل ما يصدق عليه هذه الثلاثة وإن لا يعتبر فيه الإباحة أو الرفع حتى أن وضوء الحايض أيضا مما يمتثل به لقضية اللفظ إلا أن يقيد بخصوصيته فحينئذ يجب ذلك الخاص واعلم أنه لا ريب في الصورتين في أنه لا بد أن يكون متعلق النذر من الطهارات التي وضعها الشارع وأمر بها إيجابا أو استحبابا إن قلنا بجواز تعلق النذر وشبهه بالواجبات وإلا فاستحبابا فقط سواء قلنا بلزوم رجحان متعلق النذر أو لا إذ العبادة بدون إذن الشارع مما لا يستباح أصلا بالاجماع كما هو الظاهر وأما الطهارة التي لم يأمر بها الشارع كالوضوء مع غسل الجنابة مثلا على المشهور أو غسل الجمعة في يوم الأربعاء أو تجديد الوضوء ثانيا بدون تخلل الصلاة على القول بعدم مشروعيته أو التيمم مع وجود الماء أو نحو ذلك فلا ينعقد نذرها ولم يتعلق وجوب بالذمة بسببه ثم أن النذر أما أن يكون مطلقا غير مقيد بوقت من الأوقات أو لا فعلى الأول وقته العمر ويتضيق بتضيق الوفاة ويجب الاتيان به حسب ما نذر في أي وقت كان من الأوقات العمر مع رعاية الشرايط المعتبرة في الشرع وعلى الثاني فوقته ما عينه في النذر فإن اتفق أن يكون هذا الوقت مما يصلح لايقاع المنذور فيه شرعا فيجب الاتيان به مثل ما لو نذر أن يتوضأ في وقت الضحى مثلا وكان في ذلك الوقت محدثا متمكنا من استعمال الماء أو نذر أن يغتسل بعد يومين مثلا فاتفق أن يكون ذلك اليوم يوم جمعة أو عيدا أو نحو ذلك مع التمكن من استعمال الماء أيضا أو نذر أن يتيمم في وقت فصادف ذلك الوقت محدثا غير قادر على استعمال الماء وأمثال ذلك وإن لم يتفق ذلك كما لو نذر أن يتوضأ وقت الظهر مثلا فصادف ذلك الوقت متطهرا ولم نقل بشرعية التجديد قبل تخلل الصلاة أو نقول بها لكن فرض النذر مقيدا بكونه وضوء رافعا ولم نقل برفع التجديد أو نذر أن يغتسل في وقت كذا ولم يكن ذلك الوقت وقتا لغسل واجب أو مندوب أو نذر أن يتيمم في وقت فصادفه واجدا للماء ونحو ذلك فحينئذ لا يخلو أما أن يتمكن من الاتيان بفعل يصير سببا لصلاحية الوقت لايقاع المنذور فيه شرعا كالتمكن من الحدث في الصورة الأولى والجنابة في الثانية وإهراق الماء في الثالثة أو لا يتمكن وعلى الثاني لا إشكال في عدم الوجوب لعدم القدرة على الاتيان بالطهارة على الوجه المعتبر في الشرع وأما على الأول فقد حكم جماعة من الأصحاب رحمهم الله كالعلامة والشهيد الثاني (ره) وغيرهما بعدم الوجوب أيضا واستدل عليه الشهيد الثاني (ره) في شرحه للارشاد بأن تحصيل شرط الواجب المشروط ليس بواجب وفيه نظر لان الوجوب المشروط الذي كان بأصل الشرع صار بسبب النذر مطلقا لأن المفروض أنه نذر الطهارة في وقت كذا ولم يقيده بأنه إذا كان محدثا والعمومات دالة على وجوب الوفاء بالنذر مطلقا من غير اشتراط فيلزم أن يتطهر في ذلك الوقت من غير توقف وجوبه على شئ غايته أنه لما كانت الطهارة التي يتعلق بها النذر يجب أن يكون متلقاة من الشارع والطهارة المتلقاة من الشارع إنما يكون بعد الحدث فيجب عليه الطهارة بعد الحدث لا الطهارة بشرط الحدث وهو ظاهر والطهارة بعد الحدث موقوفة على الحدث توقفا عقليا فلا بد من الحدث ليمكن الاتيان بالواجب المطلق نعم إذا كان قرينة في اللفظ أو كان في نيته أنه إذا حصل شرائطها الشرعية تطهر لكان الامر حينئذ كما ذكر لكن يختلج بالبال أن وقت حصول الطهارة الشرعية وعدم مطلوبية طهارة أخرى من الشارع الاتيان بالحدث ليتطهر كأنه أمر لغو عبث لا رجحان له في نظر الشارع وكذا الحال في إتلاف الماء ليتيمم بشرط أن لا يكون متضمنا لمفسدة أخرى من الاسراف ونحوه وإلا لكان حراما بل هذا الغى من سابقه لأنه فرار من الراجح الذي هو الطهارة المائية إلى المرجوح الذي هو الطهارة الترابية والأول فرار من الشئ إلى مسألة نعم يمكن أن يفرض في الصورة الأخيرة فايدة ما في بعض الأحوال كما إذا علم أحد من نفسه أنه لا يتطهر بالماء في ذلك الوقت البتة لكسل أو نحوه ففي اتلافه بطريق شرعي مصلحة ما من حصول الطهارة الترابية وعلى هذا نقول ينبغي بناء المسألة على أن ما ذكره القوم أن متعلق النذر يجب أن يكون راجحا هل المراد به أنه لا بد من رجحانه أما في نفسه بدون أن يكون لنا مدخل في رجحانه أصلا أو مع مدخليتنا أيضا لكن بشرط أن لا يكون ما نأتي به لتحصيل رجحانه مرجوحا أو عبأ؟ والمراد رجحانه مطلقا أعم من أن يكون في نفسه أو بمدخليتنا بالشرط المذكور أو لا فعلى الأول لا يجب الطهارة حينئذ وعلى الثاني يجب فإن قام دليل على أحدهما فالعمل عليه وإلا لكان مما يشك في دخوله تحت إفراد الواجب إذ العمومات التي في باب النذر ليست مما يبقى الظن بشمولها لهذه الصورة بعد الظن أو العلم بأنه مخصص بما إذا كان مطلوبا في نظر الشارع راجحا عنده فيبتني الكلام على وجوب الاتيان بالافراد المشكوكة في التكليف اليقيني وعدمه وأمر الاحتياط واضح هذا وقس عليه الحال فيما إذا لم يأت بالنذر في الصورة الأولى أي التي لم يقيد بوقت حتى تضيق الوقت بظن الوفاة ثم أن المفهوم ظاهرا من كلام الشهيد الثاني (ره) في شرحه للرسالة أن الوضوء المتحمل عن الغير والاستيجار له لا يشترط بالحدث ولم يظهر له مستند ففيه إشكال إذ يمكن أن يقال بوجوبه على المتحمل والأجير بعنوان وجوبه على الميت إن ابتدائيا فابتدائي بعد الحدث وأن تجديديا
(٢٥)