باقي المساجد) المراد بالغسل والتيمم طبيعتهما لا جميع الافراد ولا فرد معين كيف ويعد من جملة ما يجبان له صوم الحايض والجنب وحينئذ لا حاجة إلى تقييد الغسل بغير غسل المس لأنه لم يجب للدخول واللبث وكذا لما سيجئ من قراءة العزائم على ما صرح به المصنف (ره) في البيان كما فعله المحقق الشيح علي (ره) في شرح القواعد في هذا المقام ولا يخفى أن وجوب الغسل والتيمم للدخول واللبث وكذا قراءة العزائم إنما هو عند وجوب هذه الأمور والمصنف (ره) لم يقيد به أما للطهور أو للاعتماد على السابق حيث قيد الحكم فيه بالوجوب أو لان معنى العبارة أن وجوب الغسل والتيمم دون الوضوء إنما يكون لهذه الأمور في الجملة و هذا لا يستلزم وجوبهما لجميع أفرادهما حتى يلزم التقييد بل يكفي الوجوب للبعض ثم أن وجوب الغسل للامرين المذكورين إنما هو بناء على تحريمهما للجنب والحايض ومن بحكمهما وهو قول علمائنا أجمع سوى ما نقل عن سلار من القول بالكراهة وسيجئ تفصيل القول فيه في مبحث أحكام الجنب والحايض إنشاء الله تعالى وأما وجوب التيمم فبناء على وجوب الغسل وإباحة التيمم لهما ولنتعرض ها هنا لبيان الامر الأخير فنقول إعلم أن المستفاد ظاهرا من كلام العلامة (ره) في المنتهى إجماع علمائنا على أن التيمم بدلا من الغسل مبيح لدخول المسجدين واللبث فيما عداهما وكذا مس خط المصحف عند علمائنا إذ لم ينقل في هذا المقام خلافا سوى ما نقل من أبي محرمة من القول بعدم جوازه إلا للمكتوبة والأوزاعي من القول بكراهة المس للمتيمم كما ذكرنا سابقا من القول بكراهة المس للتيمم كما ذكرنا سابقا لكن نقل عن ولده فخر المحققين (ره) المنع من إباحة التيمم لهما محتجا في الأول بقوله تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وجه الاستدلال أنه سبحانه جعل الاغتسال غاية لحرمة القرب إلى المساجد فلو كان التيمم مبيحا له فلم يكن الغاية غاية وفي الثاني بعدم فرق الأمة بينهما في هذا الحكم ويلزم على قوله (ره) تحريم الطواف أيضا للمتيمم لاستلزامه دخول المسجد لكنه لم يصرح به وضعف الشهيد الثاني (ره) هذا الاحتجاج بمعارضته بقول النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر (رضي الله عنه) لما أتاه وقال يا رسول الله هلكت جامعت على غير ماء قال يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين ووجهه بأن الاطلاق يقتضي الاكتفاء به في العبادات إذ لو أراد الاكتفاء به في الصلاة في البيت لوجب البيان حذرا عن الاجمال في وقت الخطاب الموجب للاغراء ويقول الصادق (عليه السلام) إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وبقوله (عليه السلام) التراب أحد الطهورين ولأن الصلاة المشترطة بالطهارة الصغرى والكبرى أعظم من دخول المساجد فباجتهاد تلزم إباحته بطريق الأولى وفي الكل نظر أما في الأول فلانا لا نسلم أنه إذا كان المراد الاكتفاء به في الصلاة ألزم تأخير البيان عن وقت الخطاب مع أنه لا فساد فيه كما بين في موضعه إذ يجوز أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) إنما بين له قبل أن التيمم لماذا وأي شئ يستباح به فإن قلت إذا بين له النبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن التيمم يبيح الصلاة فمم كان جزعه واضطرابه قلت كان جزعه من أنه ظن أن التيمم وإن كان مبيح للصلاة لكنه فيه كراهة ونقص مرتبة أو من أنه لما جامع اختيارا مع عدم الماء تخوف أن يكون فعله حراما وأيضا لو تم ما ذكره للزم أن يستفاد أكثر مباحث التيمم من كيفيته وأحكامه وموجباته ونواقضه من ذلك الخبر وإلا يلزم تأخير البيان فما هو جوابه فهو جوابنا ولا يخفى أنه لو وجه المعارضة بأن الخبر يدل على الاكتفاء بالتيمم في الصلاة كما هو الظاهر وكان متعارف صلواتهم وأكثر أفرادها في المسجد وكون المراد الفرد الغير المتعارف وإخراج الفرد المتعارف مع الاطلاق في الكلام وعدم الاشعار بالمرام خلاف الظاهر لكان أولى مما ذكره وإن كان أيضا غير صحيح في نفسه إذ دلالته على الاكتفاء به في الصلاة غير مسلم بل يجوز أن يكون واجبا لنفسه كما هو مذهب بعض وعلى تقدير التسليم ليس هذا من قبيل أن يورد في حكم لفظ عام ويراد منه فرده الغير المتعارف فقط من غير إشعار لأنه (عليه السلام) في هذا المقام ليس في صدد بيان أنه يكفي لأي شئ ويبيح أي شئ بل مراده (عليه السلام) إن الصعيد الذي قد عرفته وبينت لك كيفيته وإباحته لما يبيح ليس فيه نقص مرتبة وقصور وكراهة حتى أنه لو ارتكبه أحد للزم أن لا يرتكبه إلا شاذا نادرا كما يتخيله بل يكفي عشر سنين وليس فيه قصور تسلية لأبي ذر (رضي الله عنه) وتسكينا لخاطره وما ذكرناه ظاهر لمن يراجع وجدانه وأما في الثاني فلان حكمه (عليه السلام) بجعل التراب طهورا لا يقتضي أن يكون مبيحا لكل ما تبيحه المائية بل لا يدل على أزيد من أنه يثبت له طهوريته ما لا طهورية الماء إذا لا يلزم أن يكون كل طهور حكمه حكم الطهور الاخر كما يشهد به الفطرة السليمة وقس عليه حال الرواية الأخرى وأما في الثالث فلان الأولوية ممنوعة إذ يجوز أن يكون الصلاة لكونها أمرا ضروريا لا ينبغي أن يترك في حال من الأحوال إنما يكتفي فيها عند الضرورة بالتيمم بخلاف دخول المساجد فإنه لما لم يكن بهذه المثابة فلا ضرورة في أن يكتفي فيه بالتيمم ونظيرها في الوجود أكثر من أن يحصى كما لا يخفى وأيضا أحكام الله تعالى و شرايعه وحكمته فيها ليس مما يجد العقل إليه سبيلا فالقول فيها بمثل هذه الوجود والدلايل ليس مما ينبغي إذ ليس مآله عند التحقيق إلا إلى القياس الذي تواتر عن أصحاب العصمة (عليه السلام) إنكاره ومنع القول به فتدبر وقد أورد على الاستدلال أيضا بأنه موقوف على أن يكون المراد بالصلاة مواضعها أما على المجاز في الاعراب بحذف المضاف أو على المجاز في اللفظ من قبيل تسمية المحل باسم الحال وهو مما إذا يجوز أن يكون المراد معناها الحقيقي أي لا تصلوا جنبا إلا إذا كنتم مسافرين فإنه يجوز لكم حينئذ الصلاة متيمما والحاصل أن السفر لما كان مظنة تعذر الغسل استثناه سبحانه بل هذا
(١٧)