حملهما عن الاطلاق على الوجوب والحرمة ويريد حمله على الكراهة أنه ورد في هذه الرواية النهي عن التعليق والحال أنه للكراهة فيحمل هذا أيضا عليهما ليوافق القرائن وأما كونه للكراة فللاجماع على عدم حرمته كما نقله العلامة (ره) في المنتهى ولروايتين أيضا أحديهما ما رواه ثقة الاسلام (ره) في الكافي في باب الحايض والنفساء تقرآن القرآن عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن التعويذ يعلق على الحايض فقال نعم إذا كان في جلد أو فضة أو قصبة حديد وثانيتها ما سنذكره مع تفصيل القول فيه لكن يمكن أن يقال أن جواز تعليق التعويذ وإن كان فيه آيات القرآن لا ينافي حرمة تعليق المصحف كما في الرواية إذ يجوز أن يكون لمجموع القرآن حرمة لا تكون لبعض الآيات وما أيدنا به حمل لا يمسه في الرواية على الكراهة مؤيدا حمله في الآية أيضا عليها وقرينة عليه لان استشهاده (عليه السلام) به للكراهة إنما يكون على تقدير كونه بمعنى الكراهة كما لا يخفى فظهر أن هذه التمسك إنما يجعل الاستدلال بالآية مقلوبا عليهم وفيه أنه يجوز أن يكون النهي عن التعليق في الرواية محمولا على رجحان العدم المشترك بين الحرام والمكروه إذ هذا لا ينافي الاجماع المذكور والتجوز في النهي يحمل على الكراهة ليس بأولى من التجوز فيه بحمله على القدر المشترك وحينئذ نقول غاية ما يلزم أن يكون لا يمسه في الرواية محمولا على القدر المشترك بين الحرمة والكراهة ليحصل المناسبة وهذا لا يستلزم أن يكون في الآية المستشهد بها بمعنى الكراهة حتى يصير الاستدلال مقلوبا وهو ظاهر الثاني ما رواه الشيخ (ره) في التهذيب متصلا بالرواية المتقدمة قال وسئل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الرجل أيحل له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء قال لا وجه الاستدلال أن يقال أنه إذا كان كتابة القرآن للمحدث حراما فالمس بطريق أولى أو يقال أن أصل الكتابة لا يحرم على المحدث بلا نقل خلاف عن أحد من علمائنا فيكون نهيه (عليه السلام) إنما يكون باعتبار عدم انفكاكه عن المس غالبا وفي الوجهين نظر من وجوه أحدها القدح في سند الرواية لان للشيخ (ره) إلى علي بن جعفر (عليه السلام) ثلاثة طرق على ما نقل أحدها ما ذكره في آخر التهذيب من أن ما كان فيه عن علي بن جعفر فطريقي كذا وهذا الطريق ليس بصحيح وإن وصفه العلامة (ره) في الخلاصة بالصحة لان فيه حسين بن عبد الله الغضايري ولم ينص الأصحاب على توثيقه والآخران ما نقلهما في فهرسته وهذان الطريقان وإن كانا صحيحين إلا أنه (ره) قال في الفهرست في أثناء ذكر علي بن جعفر كلاما بهذه العبارة وله كتاب المناسك ومسايل لأخيه موسى الكاظم بن جعفر (عليه السلام) سئله عنها أخبرنا بذلك وفي بعض النسخ به جماعة إلى آخر ما ذكره من الطريقين وهذه العبارة كما ترى ليست ظاهرة في أن كل ما يرويه الشيخ (ره) عن علي بن جعفر (عليه السلام) إنما هو بهذين الطريقين إذ يجوز أن يكون تلك المسائل مسائل خاصة مجتمعة في كتاب مثلا ولم يكن كل ما يرويه عنه داخلا فيها مع احتمال رجوع الضمير إلى الكتاب فقط على أن في نسخة الفهرست التي عندنا قد وضع علامة النسخة فوق قوله ومسايل إلى قوله أخبرنا وحينئذ يقوى الشك جدا وبالجملة ما رواه الشيخ (ره) في التهذيب والاستبصار مرسلا عن علي بن جعفر (عليه السلام) لا يخلو من شئ وإن كان يمكن أن يقال أن عدم توثيق حسين بن عبد الله لا يضر إذ الظاهر أن الشيخ (ره) في الكتابين ما حذف أول سنده من الروايات إنما أخذه من الأصول المشهورة المتواترة انتسابها إلى أصحابها كتواتر انتساب الكتابين إليه (ره) الان وكذا ساير الكتب المتواترة الانتساب إلى مصنفيها ثم في آخر الكتابين إنما ذكر طريقة إليها للتبرك والتيمن ولمجرد اتصال السند و إلا فلا حاجة إليه كما أشار إليه نفسه (ره) أيضا في آخر الكتابين وحينئذ إذا كان في تلك الطرق من لم يوثقه الأصحاب فلا ضير والله أعلم بحقيقة الحال وثانيهما معارضتها بما رواه ثقة الاسلام (ره) في الكافي في باب الحايض والنفساء تقرآن القرآن في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن التعويذ يعلق على الحايض قال نعم لا بأس قال وقال وتقرأه وتكتبه ولا تصيبه يدها وهذه الرواية وإن رواها الشيخ في التهذيب قبل باب التيمم وأحكامه متصلا به بطريق صحيح عن داود عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) بأدنى تفاوت في المتن إذ فيه بدل لا تصيبه يدها لا تمسكه لكن السند الذي في الكافي مما يعتمد عليه كثيرا لان إبراهيم بن هاشم وإن لم ينص الأصحاب على توثيقه لكن الظاهر أنه من أجلاء الأصحاب وعظمائهم المشار إلى عظم منزلتهم ورفع قدرهم في قول الصادق (عليه السلام) إعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا وبالجملة هذا الحديث ليس بأنقص في باب الاعتماد من سابقه وتوجيه المعارضة أن يقال أنه (عليه السلام) أجاز كتابة التعويذ للحايض والظاهر أن التعويذ غالبا لا ينفك عن آيات القرآن فقد أجاز لها كتابة القرآن وإذا كان كتابته الحايض جايزا فللمحدث بالحث الأصغر بطريق أولى وهذه الأولوية أولى من الأولوية التي أدعوها في الاستدلال ومع قطع النظر عن دعوى الأولوية نقول أن الحايض يندر أن تخلو عن الحدث الأصغر فإطلاقه (عليه السلام) في إجازة الكتابة لها وترك الاستفصال مع أن الفرد الغالب الكثير هو أن تكون محدثة بالحدث الأصغر يدل على أن ليس المراد حال خلوها عنه وقس عليه القول في التعويذ أيضا بالنسبة إلى اشتماله على آيات القرآن وعدمه مع أن في الرواية ليس لفظا لحدث الأصغر بل كونه على غير وضوء ولا شك أن الحايض على غير وضوء وإذا ثبت المعارضة فيجب الجمع بينهما بحمل رواية علي بن جعفر (عليه السلام) على الكراهة وهذه الرواية على نفي البأس بمعنى الحرمة ولا يبعد الايراد على المعارضة أما على الوجه الأول الذي تمسك
(١٣)