وبما حدثنا يونس بن عبد الأعلى وبحر بن نصر قالا ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني طلحة بن عمرو الحضرمي عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ا لله عز وجل جعل لكم ثلث أموالكم آخر أعماركم زيادة في أعمالكم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ينبغي للموصي أن يقصر في وصيته عن ثلث ماله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلث والثلث كثير فمما روى في ذلك عمن ذهب إليه من المتقدمين ما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة قال كان ابن عباس يقول استقصروا عن قول النبي صلى الله عليه وسلم إنه لكثير حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد قال أنا حميد عن بكير بن عبد الله قال أقصيت أبي حميد بن عبد الرحمن الحميري قال ما كنت لأقبل وصية رجل له ولد يوصى بالثلث فمن الحجة لأهل المقالة الأولى على أهل هذه المقالة أن الوصية بالثلث لو كانت جورا إذا لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على سعد ولقال له أقصر عن الثلث فلما ترك ذلك كان قد أباحه إياه وفي ذلك ثبوت ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ثم تكلم الناس بعد هذا في هبات المريض وصدقاته إذا مات في مرضه ذلك فقال قوم وهم أكثر العلماء هي من الثلث كسائر الوصايا وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقالت فرقة هو من جميع المال كأفعاله وهو صحيح وهذا قول لم نعلم أحدا من المتقدمين قاله وقد روينا فيما تقدم من كتابنا هذا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت نحلني أبو بكر جداد عشرين وسقا من ماله بالعالية فلما مرض قال لي إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي بالعالية فلو كنت جددتيه وحزتيه كان لك وإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه بينكم على كتاب الله تعالى فأخبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه أنها لو قبضت ذلك من ماله في ملكه ملكته وجعل ذلك غير جائز كما لا تجوز الوصية لها ولم تنكر ذلك عائشة رضي الله عنها ولا سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل ذلك أن مذهبهم جميعا فيه كان مثل مذهبه فلو لم يكن ذهب إلى ما ذكرنا من الحجة لقولهم الذي ذهبوا إليه إلا ما في هذا الحديث وما ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الانكار في ذلك على أبي بكر لكان فيه أعظم الحجة وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضا
(٣٨٠)