فدل ذلك أن ما ذكرنا مما كان في حديث ذي اليدين كان قبل نسخ الكلام فان قال قائل وكيف يجوز أن يكون هذا قبل نسخ الكلام في الصلاة وأبو هريرة رضي الله عنه قد كان حاضرا ذلك واسلام أبي هريرة رضي الله عنه إنما كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين وذكر في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا القواريري قال ثنا يحيى بن سعيد القطان قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال أتينا أبا هريرة رضي الله عنه فقلنا حدثنا فقال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين قالوا فأبو هريرة رضي الله عنه إنما صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين وهو حضر تلك الصلاة ونسخ الكلام في الصلاة كان والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة فدل ذلك على أن ما كان في حديث ذي اليدين من الكلام في الصلاة مما لم ينسخ بنسخ الكلام في الصلاة إن كان متأخرا عن ذلك قيل له اما ما ذكرت من وقت إسلام أبي هريرة فهو كما ذكرت وأما قولك أن نسخ الكلام في الصلاة كان والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة فمن روى لك هذا وأنت لا تحتج إلا بمسند ولا تسوغ لخصمك الحجة عليك إلا بمثله فمن أسند لك هذا وعمن رويته وهذا زيد بن أرقم الأنصاري يقول كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت وقد روينا ذلك عنه في غير هذا الموضع من كتابنا هذا وصحبة زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانت بالمدينة فقد ثبت بحديثه هذا أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مع أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يحضر تلك الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا لان ذا اليدين قتل يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد الشهداء قد ذكر ذلك محمد بن إسحاق وغيره وقد روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ما يوافق ذلك حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا الليث بن سعد قال حدثني عبد الله بن وهب عن عبد الله العمرى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه ذكر له حديث ذي اليدين فقال كان إسلام أبي هريرة رضي الله عنه بعد ما قتل ذو اليدين وإنما قول أبي هريرة رضي الله عنه عندنا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى بالمسلمين وهذا جائز في اللغة وقد روى مثل هذا عن النزال بن سبرة حدثنا فهد وأبو زرعة الدمشقي قالا ثنا أبو نعيم قال ثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وإياكم كنا ندعى بنى عبد مناف فأنتم اليوم بنو عبد الله ونحن بنو عبد الله يعني لقوم النزال
(٤٥٠)