فلو قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تلك الإشارة أردت بها رد السلام على من سلم على ثبت بذلك أن كذلك حكم المصلى إذا سلم عليه في الصلاة ولكنه لم يقل من ذلك شيئا فاحتمل أن تكون تلك الإشارة كانت ردا منه للسلام كما ذكرتم واحتمل أن يكون كانت منه لهيا لهم عن السلام عليه وهو يصلى فلما لم يكن في هذه الآثار من هذا شئ واحتملت من التأويل ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين لم يكن ما تأول أحد الفريقين أولى منها مما تأول الآخر الا بحجة يقيمها على مخالفة أما من كتاب وإما من سنة وإما من إجماع فان قال قائل فما دليلكم على كراهة ذلك قيل له حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا عاصم عن أبي وائل قال قال عبد الله كنا نتكلم في الصلاة ونأمر بالحاجة ونقول السلام على جبرائيل عليه السلام وميكائيل وكل عبد صالح يعلم اسمه في السماء والأرض فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم من الحبشة وهو يصلى فسلمت عليه فلم يرد على فأخذني ما قدم وما حدث فلما قضى صلاته قلت يا رسول الله أنزل في شئ قال لا ولكن الله يحدث من أمره ما يشاء حدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال خرجت في حاجة ونحن يسلم بعضنا على بعض في الصلاة ثم رجعت فسلمت فلم يرد على وقال إن في الصلاة شغلا حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي عن حماد عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قدمت من الحبشة وعهدي بهم وهم يسلمون في الصلاة ويقضون الحاجة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وهو يصلى فلم يرد على فلما قضى صلاته قال إن الله يحدث للنبي من أمره ما يشاء وقد أحدث لكم أن لا تتكلموا في الصلاة واما أنت أيها المسلم فالسلام عليك ورحمة الله حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا محمد بن فضيل عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي الرضراض عن عبد الله رضي الله عنه قال كنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فيرد على فلما كان ذات يوم سلمت عليه فلم يرد على فوجدت في نفسي فذكرت ذلك له فقال إن الله يحدث من أمره ما يشاء قال أبو جعفر ففي حديث أبي بكرة عن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد على الذي سلم عليه في الصلاة بعد فراغه منها فذلك دليل أنه لم يكن منه في الصلاة رد السلام عليه لأنه لو كان ذلك منه لأغناه عن الرد عليه
(٤٥٥)