وكان ما أجمع عليه أن للرجل أن يأتي به إن شاء وإن شاء لم يأت به فهو التطوع إن شاء فعله وإن شاء تركه فهذه هي صفة التطوع وما لا بد من الاتيان به فهو الفرض وكانت الركعتان لا بد من المجئ بهما وما بعدهما ففيه اختلاف فقوم يقولون لا ينبغي أن يؤتى به وقوم يقولون للمسافر أن يجئ به إن شاء وله أن لا يجئ به فالركعتان موصوفتان بصفة الفرض فهما فريضة وما بعد الركعتين موصوف بصفة التطوع فهو تطوع فثبت بذلك أن المسافر فرضه ركعتان وكان الفرض على المقيم أربعا فيما يكون فرضه على المسافر ركعتين فكما لا ينبغي للمقيم أن يصلى بعد الأربع شيئا من غير تسليم فكذلك لا ينبغي للمسافر أن يصلى بعد الركعتين شيئا بغير تسليم فهذا هو النظر عندنا في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى فان قال قائل فقد روى عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتمون وذكر في ذلك ما قد فعله عثمان رضي الله عنه بمنى وما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا يونس بن بكير قال حدثني محمد بن إسحاق قال حدثني صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أول ما فرضت الصلاة ركعتين ثم أكملت أربعا وأثبتت للمسافر قال صالح فحدثت بذلك عمر بن عبد العزيز فقال عروة حدثني عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تصلى في السفر أربعا حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال استأذنت حذيفة من الكوفة إلى المدائن أو من المدائن إلى الكوفة في رمضان فقال آذن لك على أن لا تفطر ولا تقصر قال قلت وأنا أكفل لك أن لا أقصر ولا أفطر حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا ابن عون قال قدمت المدينة فأدركت ركعة من العشاء فصنعت شيئا برأيي فسألت القاسم بن محمد فقال أكنت ترى أن الله يعذبك لو صليت أربعا كانت أم المؤمنين عائشة تصلى أربعا وتقول للمسلمون يصلون أربعا حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا ابن جريج قال قلت لعطاء أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوفى الصلاة في السفر فقال لا أعلمه إلا عائشة رضي الله عنها وسعد بن أبي وقاص فهذا عطاء قد حكى ذلك عن سعد وقد روينا عنه خلاف ذلك في حديث الزهري وحبيب بن أبي ثابت
(٤٢٤)