والتأويل الأول أشبه عندنا والله أعلم لان الاعراب كانوا بالصلاة وأحكامها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجهل منهم بها وبحكمها في زمن عثمان رضي الله عنه وهم بأمر الجاهلية حينئذ أحدث عهدا فهم كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العلم بفرائض الصلاة أحوج منهم إلى ذلك في زمن عثمان رضي الله عنه فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتم الصلاة لتلك العلة ولكن قصرها ليصلوا معه صلاة السفر على حكمها ويعلمهم صلاة الإقامة على حكمها في السفر كان عثمان رضي الله عنه أحرى أن لا يتم بهم الصلاة بتلك العلة ولكنه يصليها بهم على حكمها في السفر ويعلمهم كيف حكمها في الحضر فقد عاد معنى ما صح من تأويل حديث أيوب عن الزهري إلى معنى حديث معمر عن الزهري وقد قال آخرون إنما أتم الصلاة لأنه كان يذهب إلى أنه لا يقصرها إلا من حل وارتحل واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر قال قال حماد وأخبرنا قتادة قال قال عثمان بن عفان رضي الله عنه إنما يقصر الصلاة من حمل الزاد والمزاد وحل وارتحل حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عياش بن عبد الله أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كتب إلى عماله أن لا يصلين ركعتين جاب ولا نائي ولا تاجر إنما يصلى الركعتين من كان معه الزاد والمزاد حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح وأبو عمر قالا أخبرنا حماد بن سلمة أن أيوب السختياني أخبرهم عن أبي قلابة الجريبي عن عمه أبى المهلب قال كتب عثمان بن عفان رضي الله عنه أن بلغني أن قوما يخرجون إما لتجارة وإما لجباية وإما لحشر ثم يقصرون الصلاة وإنما يقصر الصلاة من كان شاخصا أو بحضرة عدو قال وكان مذهب عثمان بن عفان رضي الله عنه أن لا يقصر الصلاة إلا من كان يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد ومن كان شاخصا فأما من كان في سفر مستغنيا به عن حمل الزاد والمزاد فإنه يتم الصلاة قالوا ولهذا أتم الصلاة ب منى لان أهلها في ذلك الوقت كثروا حتى صارت مصرا استغنى من حل به عن حمل الزاد والمزاد وهذا المذهب عندنا فاسد لان منى لم تصر في زمن عثمان بن عفان وعمر رضي الله عنهما من مكة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بها ركعتين ثم صلى بها أبو بكر رضي الله عنه بعده كذلك ثم صلى بها عمر بعد أبي بكر رضي الله عنه كذلك فإذا كانت مكة مع عدم احتياج من حل بها إلى حمل الزاد والمزاد يقصر فيها الصلاة فما دونها من المواطن أحرى أن يكون كذلك فقد انتفت هذه المذاهب كلها بفسادها عن عن عثمان رضي الله عنه أن يكون من أجل شئ منها قصر الصلاة
(٤٢٦)