فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسجود في المفصل فيها نقول وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وأما النظر في ذلك فعلى غير هذا المعنى وذلك أنا رأينا السجود المتفق عليه هو عشر سجدات منهن في الأعراف وموضع السجود فيها منها قوله إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ومنهن الرعد وموضع السجود عند قوله عز وجل ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ومنهن النحل وموضع السجود منها عند قوله تعالى ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة إلى قوله يؤمرون ومنهن في سورة بني إسرائيل وموضع السجود منها عند قوله تعالى ويخرون للأذقان سجدا إلى قوله خشوعا ومنهن في سورة مريم وموضع السجود منها عند قوله وإذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ومنهن سورة الحج فيها سجدة في أولها عند قوله ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض إلى آخر الآية ومنهن سورة الفرقان وموضع السجود منها عند قوله (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن) إلى آخر الآية ومنهن سورة النمل فيها سجدة عند قوله تعالى ألا يسجد لله الذي يخرج الخبء إلى آخر الآية ومنهن آلم تنزيل السجدة فيها سجدة عند قوله تعالى (إنما يؤمن بآياتنا الذين) إلى آخر الآية ومنهن (حم تنزيل من الرحمن الرحيم) وموضع السجود منها فيه اختلاف فقال بعضهم موضعه تعبدون وقال بعضهم موضعه (فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون) وكان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى يذهبون إلى هذا المذهب الأخير واختلف المتقدمون في ذلك فحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد منصور قال ثنا هشيم قال أنا فطر بن خليفة عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يسجد في الآية الآخرة من حم تنزيل حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا فطر عن مجاهد قال سألت بن عباس رضي الله عنهما عن السجدة التي في حم قال اسجد بآخر الآيتين
(٣٥٩)