وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا كل صلاة يجوز التطوع بعدها فلا بأس أن يفعل فيها ما ذكرتم من صلاته إياها مع الامام على أنها نافلة له غير المغرب فإنهم كرهوا أن تعاد لأنها إن أعيدت كانت تطوعا والتطوع لا يكون وترا إنما يكون شفعا وكل صلاة لا يجوز التطوع بعدها فلا ينبغي أن يعيدها مع الامام لأنها تكون تطوعا في وقت لا يجوز فيه التطوع واحتجوا في ذلك بما قد تواترت به الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهيه عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في غير هذا الموضع من كتابنا هذا فذلك عندهم ناسخ لما رويناه في أول هذا الباب وقالوا انه لما بين في بعض الأحاديث الأول فقال فصلوها فإنهما لكم نافلة أو قال تطوع ونهى عن التطوع في هذه الآثار الاخر وأجمع على استعمالها كان ذلك داخلا فيها ناسخا لما قد تقدمه مما قد خالفه ومن تلك الآثار ما لم يقل فيه فإنها لكم تطوع فذلك يحتمل أن يكون معناه معنى هذا الذي بين فيه فقال فإنها لكم تطوع ويحتمل أن يكون ذلك كان في وقت كانوا يصلون فيه الفريضة مرتين فيكونان جميعا فريضتين ثم نهوا عن ذلك فعلى أي الامرين كان فإنه قد نسخه ما قد ذكرنا وممن قال بأنه لا يعاد من الصلوات الا الظهر والعشاء الآخرة أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد روى في ذلك عن جماعة من المتقدمين ما حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ناعم بن إجيل مولى أم سلمة قال كنت أدخل المسجد لصلاة المغرب فأرى رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا في آخر المسجد والناس يصلون فيه قد صلوا في بيوتهم فهؤلاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يصلون المغرب في المسجد لما كانوا قد صلوها في بيوتهم ولا ينكر ذلك عليهم غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا فذلك دليل عندنا على نسخ ما قد كان تقدمه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يجوز أن يكون مثل ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب عليهم جميعا حتى يكونوا على خلافه ولكن كان ذلك منهم لما قد ثبت عندهم فيه من نسخ ذلك القول
(٣٦٤)