فالنظر على ما ذكرنا أن يكون موضع سجود التلاوة ويكون كل شئ من السجود يرد إلى ما ذكرنا فما كان منه أمرا رد إلى شكله مما ذكرنا فلم يكن فيه سجود وما كان منه خبرا رد إلى شكله من الاخبار فكان فيه سجود فهذا هو النظر في هذا الباب فكان يجئ على ذلك أن يكون موضع السجود من حم هو الموضع الذي ذهب إليه بن عباس رضي الله عنه لأنه عنده خبر هو قوله فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون لا كما ذهب إليه من خالفه لان أولئك جعلوا السجدة عند أمر وهو قوله واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فكان ذلك موضع أمر وكان الموضع الآخر موضع خبر وقد ذكرنا أن النظر يوجب أن يكون السجود في مواضع الخبر لا في مواضع الامر فكان يجئ على ذلك أن لا يكون في سورة الحج غير سجدة واحدة لان الثانية المختلف فيها إنما موضعها في قول من يجعلها سجدة موضع أمر وهو قوله اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم الآية وقد بينا أن مواضع سجود التلاوة هي مواضع الاخبار لا مواضع الامر فلو خلينا والنظر لكان القول في سجود التلاوة أن ننظر فما كان منه موضع أمر لم نجعل فيه سجودا وما كان منه موضع خبر جعلنا فيه سجودا ولكن اتباع ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وقد اختلف في سورة ص وقال قوم فيها سجدة وقال آخرون ليس فيها سجدة فكان النظر عندنا في ذلك أن يكون فيه سجدة لان الموضع الذي جعله من جعله فيها سجدة وموضع السجود هو موضع خبر لا موضع أمر وهو قوله (فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب) فذلك خبر فالنظر فيه أن يرد حكمه إلى حكم أشكاله من الاخبار فيكون فيه سجدة كما يكون فيها وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال حدثني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عياض أن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا العوام بن حوشب قال سألت مجاهدا عن السجود في ص فقال سألت عنها بن عباس فقال اسجد في ص فتلا على هؤلاء الآيات من الانعام ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله أولئك الذين هدى الله فبهداهم أقتده فكان داود ممن أمر نبيكم صلى ا لله عليه وسلم أن يقتدى به
(٣٦١)