بن جرير قال ثنا شعبة عن أبي صدقة مولى أنس رضي الله عنه عن أنس أنه سئل عن مواقيت الصلاة فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى صلاة العصر ما بين صلاتيكم هاتين فذلك محتمل أن يكون أراد بقوله فيما بين صلاتيكم هاتين ما بين صلاة الظهر وصلاة المغرب فذلك دليل على تأخيره العصر ويحتمل أن يكون أراد فيما بين تعجيلكم وتأخيركم فذلك دليل على التأخير أيضا وليس بالتأخير الشديد فلما احتمل ذلك ما ذكرنا وكان في حديث أبي الأبيض عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها والشمس بيضاء محلقة دل على أنه قد كان يؤخرها فإن قال قائل وكيف ذلك كذلك وقد روى عن أنس رضي الله عنه في ذم من يؤخر العصر فذكر في ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال دخلت على أنس بن مالك رضي الله عنه بعد الظهر فقام يصلي العصر فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة أو ذكرها فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافقين قالها ثلاثا يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان قام فنقرأ ربعا لا يذكر الله فيهن إلا قليلا قيل له فقد بين أنس رضي الله عنه في هذا الحديث التأخير المكروه ما هو وإنما هو التأخير الذي لا يمكن بعده أن يصلى العصر إلا أربعا لا يذكر الله إلا قليلا فأما صلاة يصليها متمكنا ويذكر الله تعالى فيها متمكنا قبل تغير الشمس فليس ذلك من الأول في شئ والأولى بنا في هذه الآثار لما جاءت هذا المجئ أن نحملها ونخرج وجوهها على الاتفاق لا على الخلاف والتضاد فنجعل التأخير المكروه فيها هو ما بينه العلاء عن أنس ونجعل الوقت المستحب من وقتها أن يصلى فيه هو ما بينه أبو الأبيض عن أنس ووافقه على ذلك أبو مسعود فإن قال قائل فقد روى عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على التعجيل بها فذكر ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن عروة قال حدثتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر
(١٩٢)