ثم أبو هريرة رضي الله عنه قد أخرها حتى رآها عكرمة على رأس أطول جبل بالمدينة ثم إبراهيم يخبر عمن كان قبله يعني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب عبد الله أنهم كانوا أشد تأخيرا للعصر ممن بعدهم فلما جاء هذا من أفعالهم ومن أقوالهم مؤتلفا على ما ذكرنا وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها والشمس مرتفعة وفي بعض الآثار محلقة وجب التمسك بهذه الآثار وترك خلافها وأن يؤخروا العصر حتى لا يكون تأخيرها يدخل مؤخرها في الوقت الذي أخبر أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث العلاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تلك صلاة المنافقين فإن ذلك الوقت هو الوقت المكروه تأخير صلاة العصر إليه فأما ما قبله من وقتها مما لم تدخل الشمس فيه صفرة وكان الرجل يمكنه أن يصلي فيه صلاة العصر ويذكر الله فيها متمكنا ويخرج من الصلاة والشمس كذلك فلا بأس بتأخير العصر إلى ذلك الوقت وذلك أفضل لما قد تواترت به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده ولقد روى عن أبي قلابة أنه قال إنما سميت العصر لتعصر أي تأخر حدثنا بذلك صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا خالد عن أبي قلابة قال إنما سميت العصر لتعصر فأخبر أبو قلابة أن اسمها هذا إنما لان سبيلها أن تعصر وهذا الذي استحببناه من تأخير العصر من غير أن يكون ذلك إلى وقت قد تغيرت فيه الشمس أو دخلتها صفرة وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى وبه نأخذ فإن احتج محتج في التكبير بها أيضا بما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكر قال ثنا الأوزاعي قال حدثني أبو النجاشي قال حدثني رافع بن خديج قال كنا نصلى العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ننحر الجزور فنقسمه عشر قسم ثم نطبخ فنأكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس قيل له قد يجوز أن يكونوا يفعلون ذلك بسرعة عمل وقد أخرت العصر فليس في هذا الحديث عندنا حجة على من يرى تأخير العصر وقد ذكرنا في باب مواقيت الصلاة في حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن مواقيت الصلاة صلى العصر في اليوم الأول والشمس بيضاء مرتفعة نقية ثم صلاها في اليوم الثاني والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي قد كان أخرها في اليوم الأول فكان قد أخرها في اليومين جميعا ولم يعجلها في أول وقتها كما فعل في غيرها فثبت بذلك أن وقت العصر الذي ينبغي أن يصلى فيه هو ما ذهب إليه الآخرون آخر كتاب الاذان والمواقيت
(١٩٤)