فمن الواجب أن نقضي عليه بالظاهر المعلوم الذي لا التباس فيه، وهو القطع على اعتقاد القوم فساد العمل بخبر الواحد، ونعلم على سبيل الجملة أنهم ما أودعوا ذلك محتجين ولا من المستدلين، بل نعرض لا ينافي ما علمناه من اعتقادهم في أخبار الآحاد.
فإن ظفرنا البحث بوجه ذلك على سبيل التفصيل والتعيين - وإن لم يتفق لنا العلم به تفصيلا - كفانا العلم به على سبيل الجملة.
فإن قيل: فاذكروا على كل حال الوجه في إيداع أخبار الآحاد الكتب المصنفة في الفقه، لتزول الشبهة في أن إيداعها الكتب على سبيل الاحتجاج بها.
قلنا: أول ما نقوله في هذا الباب أنه ليس كل ما رواه أصحابنا من الأخبار وأودعوه في كتبهم وإن كان مستندا إلى رواة معدودين من الآحاد، معدودا في الحكم من أخبار الآحاد، بل أكثر هذه الأخبار متواتر موجب للعلم........
لا ما الحجة فيما استودعه، ومن هذه صورته كيف يحتج بفعله فطريقه؟ (1).
فأما ما مضى في الفصل من أن المحنة بيننا وبين من ادعى خلاف ما ذكرنا في الفصل من تعويل القوم على أخبار الآحاد واحتجاجهم بهذا.
فهذا الذي مضى كله كلام عليه وإفساد له، وإيضاح لباطن الأمر وظاهره وجليه وغامضه. وكأن هذا القائل يدعونا إلى المحنة المحوجة لنا مناقضة علماء هذه الفرقة، وأنهم يظهرون إنكار ما يستعملونه بعينه، ويتدينون بإفساد ما لا يحتجون إلا به، ولا يعولون إلا عليه، وما ننشط المحنة يجري بها إلى هذا الغرض القبيح.
ثم يقال لمن اعتمد ذلك: عرفنا في أي كتاب رأيت من كتبنا أو كتب أصحابنا المتكلمين المحققين الاعتماد على أخبار الآحاد الخارجة عن الأقسام التي ذكرناها وفصلناها؟ ودعنا من مصنفات أصحاب الحديث من أصحابنا،