والمطاعن فيه، أنكم تبطلون النظر بنظر، وتفسدونه باستعماله نفسه، لأنه (1) منكري النظر والرادين على مصححه بله القامة، يجوز عليهم المناقضة ولا يشعرون بها.
فإما أن يقال لمتكلمي طائفتنا ومحققي علمائنا، ومنهم من يشق الشعر ويغلق الحجر تدقيقا وغوصا على المعاني، أنكم تناقضون ولا تشعرون، لأنكم تذهبون بلا شك ولا ريب أن أخبار الآحاد ليست بحجة ولا دلالة، ثم تعولون في كتبكم ومصنفاتكم على أخبار الآحاد، ولا تعتمدون على سواها، فهو غاية سوء الظن بهم، والتناهي في الطعن: أما على فطنتهم، أو ديانتهم. وأي شئ يقال للغافل العامي هذا؟.
وليس لأحد أن يقول: إنني لا أجمع بين الأمرين اللذين ذكرتموها، فأكون بذلك طاعنا على القوم. بل أقول: إذا تظافر عملهم بأخبار الآحاد وتعويلهم في كتبهم عليها، علمت أنهم لا يذهبون إلى فساد أخبار الآحاد وإبطال الاحتجاج بها.
وذلك أن هذا تطرف بضرب من الاستدلال إلى دفع الضرورة، لأنا نعلم علما ضروريا لا يدخل في مثله ريب ولا شك أن علماء الشيعة الإمامية يذهبون إلى أن أخبار الآحاد لا يجوز العمل بها في الشريعة ولا التعويل عليها، وأنها ليست بحجة ولا دلالة.
وقد ملؤا الطوامير وسطروا الأساطير في الاحتجاج على ذلك، والنقض على مخالفيهم. ومنهم من يزيد على هذه الجملة ويذهب إلى أنه مستحيل من طريق العقول أن يتعبد الله تعالى بالعمل بأخبار الآحاد.
ويجري ظهور مذهبهم في أخبار الآحاد مجرى ظهوره في إبطال القياس