وأن اختارت بعد تشاغلها بفعل لم يكن اختيارها ماضيا، فإن اختارت في جواب قوله لها ذلك وكانت مدخولة وكان تخييره إياها عن غير عوض أخذه منها، كانت كالمطلقة الواحدة التي هي أحق برجعتها في عدتها، وإن كانت غير مدخول بها فهي تطليقة بائنة، وإن كان تخييره إياها عن عوض أخذه منها، فهي بائن، وهي أملك بنفسها. وإن جعل الاختيار إلى وقت بعينه، فاختارت قبله، جاز اختيارها، وإن اختارت بعده لم يجز.
وروى ابن بابويه عن عمر بن أذينة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: إذا خيرها وجعل (1) أمرها بيدها في غير قبل عدة من غير أن يشهد شاهدين فليس بشئ، فإن خيرها وجعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يفترقا، فإن اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق برجعتها، وإن اختارت زوجها فليس بطلاق (2).
ولم نذكر هذا الخبر احتجاجا بأخبار الآحاد التي لا حجة في مثلها.
وإنما أوردناه ليعلم أن المذهب في جواز التخيير بخلاف ما حكي، والروايات في هذا الباب كثيرة ظاهرة، ولولا الإطالة لذكرناها.
وقد ذكر أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي (رحمه الله): إن أصل التخيير هو أن الله تعالى أنف لنبيه صلى الله عليه وآله على (3) مقالة قالتها بعض نسائه، وهي قول بعضهن: أيرى محمد أنه إذا (4) طلقنا لا نجد أكفاءنا من قريش يتزوجنا (5)، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يعتزل نساءه