وإذا كان التأويل على هذا لم يكن لسعد في هذا القول فضيلة ولم يكن في الكلام فائدة لان كل سرير من سرر الموتى لا بد من أن يتحرك لتجاذب الناس إياه وبعد فكيف يجوز أن يكون العرش السرير الذي حمل عليه سعد بن معاذ وقد روي في حديث آخر اهتز عرش الرحمن لموته وليس الاهتزاز ما ذهبوا إليه من الحركة ولا العرش ما ذهب إليه الآخرون بل الاهتزاز الاستبشار والسرور يقال إن فلانا ليهتز للمعروف أي يستبشر ويسر وإن فلانا لتأخذه للثناء هزة أي ارتياح وطلاقة ومنه قيل في المثل إن فلانا إذا دعي اهتز وإذا سئل ارتز والكلام لأبي الأسود الدؤلي يري أنه إذا دعي إلى طعام يأكله اهتز أي ارتاح وسر وإذا سئل الحاجة ارتز أي ثبت على حاله ولم يطلق فهذا معنى الاهتزاز في هذا الحديث وأما العر ش فعرش الرحمن عز وجل على ما جاء في الحديث وإنما أراد باهتزازه استبشار الملائكة الذين يحملونه ويحفون حوله بروح سعد بن معاذ فأقام العرش مقام من يحمله ويحيط به من الملائكة كما قال الله عز وجل فما بكت عليهم السماء والأرض يريد ما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض فأقام السماء والأرض مقام أهلهما
(٢٤٦)