قالوا وهذه طرق جياد عندكم وقد تركتم العمل بها من غير أن ترووا لذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسخا قال أبو محمد ونحن نقول إن الحق يثبت عندنا بالاجماع أكثر من ثبوته بالرواية لان الحديث قد تعترض فيه عوارض من السهو والاغفال وتدخل عليه الشبه والتأويلات والنسخ ويأخذه الثقة عن غير الثقة وقد يأتي بأمرين مختلفين وهما جميعا جائزان كالتسليمة الواحدة والتسليمتين وقد يحضر الامر يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم يأمر بخلافه ولا يحضره هو فينقل إلينا الأمر الأول ولا ينقل إلينا الثاني لأنه لم يعلمه والاجماع سليم من هذه الأسباب كلها ولذلك كان مالك رحمه الله يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث ثم يقول والعمل ببلدنا على كذا لامر يخالف ذلك الحديث لان بلده بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا كان العمل في عصره على أمر من الأمور صار العمل في العصر الثاني عليه وكذلك في العصر الثالث والرابع وما بعده ولا يجوز أن يكون الناس جميعا ينتقلون عن شئ كانوا عليه في بلده وعصره إلى غيره فقرن عن قرن أكثر من واحد عن واحد وقد روى الناس أحاديث متصلة وتركوا العمل بها منها حديث سفيان وحماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة آمنا لا يخاف والفقهاء جميعا على ترك العمل بهذا إما لأنه منسوخ أو لأنه فعله في حال ضرورة إما لمطر أو شغل
(٢٤٢)