قالوا حديثان متناقضان قالوا رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المسافر وحده شيطان وفي الاثنين شيطانان وفي الثلاثة ركب ثم رويتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبرد البريد وحده وأنه خرج وأبو بكر مهاجرين قالوا كيف يكون الواحد شيطانا إذا سافر ولا يخلو أن يكون أراد بمنزلة الشيطان أو يتحول شيطانا وهذا لا يجوز قال أبو محمد ونحن نقول إنه أراد بقوله المسافر وحده شيطان معنى الوحشة بالانفراد وبالوحدة لان الشيطان يطمع فيه كما يطمع فيه اللصوص ويطمع فيه السبع فإذا خرج وحده فقد تعرض للشيطان وتعرض لكل عاد عليه من السباع أو اللصوص كأنه شيطان ثم قال والاثنان شيطانان لان كل واح منهما متعرض لذلك فهما شيطانان فإذا تناموا ثلاثة زالت الوحشة ووقع الانس وانقطع طمع كل طامع فيهم وكلام العرب إيماء وإشارة وتشبيه يقولون فلان طويل النجاد والنجاد حمائل السيف وهو لم يتقلد سيفا قط وإنما يريدون أنه طويل القامة فيدلون بطول نجاده على طوله لان النجاد القصير لا يصلح على الرجل الطويل ويقولون فلان عظيم الرماد ولا رماد في بيته ولا على بابه وإنما يريدون أنه كثير الضيافة فناره وارية أبدا وإذا كثر وقود النار كثر الرماد والله تعالى يقول في كتابه ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كنا يأكلان الطعام
(١٥٣)