رجل: رويدك ببعض فتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين - عمر بن الخطاب - في النسك بعد، حتى لقيه بعد. فسأله، فقال عمر: قد علمت أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد فعله وأصحابه، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم (١).
قال أحد المحشين على صحيح مسلم في بيان وتوضيح كلمة عمر (تقطر رؤوسهم): وهذا التعبير أحسن من قول بعضهم: (تقطر مذاكيرنا المني)، فبين سيدنا عمر العلة التي لأجلها كره التمتع، وكان رأيه كما قال الزرقاني: عدم الترفه للحاج بكل طريق، فكره قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر البلل إلى ذلك الحين - يوم عرفة - (٢).
وقال الإمام السندي في بيان كلام عمر (تقطر رؤوسهم): يريد أن الأفضل للحاج أن يتفرق شعره ويتغير حاله، والتمتع في حق غالب الناس صار مؤديا إلى خلافه فنهيتهم لذلك (٣).
أقول: وعلى كل حال فالهدف هو الذي أشرنا إليه، فالهدف واحد والتعابير في ذلك متعددة كما قيل: تعددت الأسباب والموت واحد.
وأما الجواب القاطع لكل هذه التبريرات والمخالفات هو ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم: أنا أتقاكم وأصدقكم وأبركم (٤).
وقال تعالى: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا﴾ (5).