واختلقوا قصة تلقيح النخل التي أصدر فيها الرسول (صلى الله عليه وآله) حكما خطأ ثم تدارك خطأه بالندم والتأسف، ليثبتوا أصل الاجتهاد للنبي (صلى الله عليه وآله) وجواز عدم إصابته في اجتهاده ويصححوا شطحات الآخرين بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومخالفتهم للسنة وأصولها على أنها مخالفة مجتهد لغيره، ولا بأس بهذه المخالفة.
وأما حديث اللدود فإنه وضع توهينا وتطاولا على النبي (صلى الله عليه وآله) بحيث أصبح بعد ذلك ذريعة ووسيلة بأيدي أعداء الإسلام للنيل من الدين، وبناءا على هذا فإن الدواعي في جعل الحديث كثيرة أهمها اثنان:
الأول: خلق فضائل لبني العباس: كانت سياسة بني العباس واهتمامهم منكب على تمهيد وسائل الخلافة سواء قبل وصولهم للخلافة أو بعدها، وهذا الأمر يستدعي أن يختلقوا فضائل ومفاخر لذويهم بدوا من عباس عم النبي (صلى الله عليه وآله) حتى آخرهم، حتى ولو كان هذا الوضع يستوجب تحجيم شخصية النبي والنبوة، كما نراه واضحا في قصة اللدود. فسعوا لإثبات فضيلة وكرامة للعباس جدهم، حيث إننا نقرأ في جميع أحاديث اللدود مع تظافر التناقضات فيما بينها أنها قد اتحدت في مسألة واحدة وهي، إن ظاهر الأحاديث المروية في هذا الباب تدل على أن كل من كان في البيت من الصحابة وزوجات النبي (صلى الله عليه وآله) حتى ميمونة التي كانت صائمة وأهل البيت وسبطا الرسول (عليهم السلام) قد شملتهم العقوبة، لأن أمير المؤمنين والزهراء والسبطان (عليهم السلام) على فرض صحة الحديث كانوا في الدار عند أبيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنهم قد لدوا كرها وبأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والوحيد الذي لم يلد وكان حاضرا واستثني من عقوبة الرسول هو العباس بن عبد المطلب.
الثاني: تأييد نظرية عمر، الغاية الثانية التي استهدفوها وضاع هذا الحديث المختلق، هي إثبات وتأكيد صحة مقولة الخليفة عمر التي قالها في اللحظات الأخيرة من حياة النبي (صلى الله عليه وآله) ونسبها إليه (أنه يهجر) (1)، وأرادوا باختلاقهم ذلك تصحيح كلمة عمر بأن