أوتي رسل الله) (١).
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) في جوابهم: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (٢).
تشير الآية إلى الحكمة والفلسفة التي من أجلها اصطفى الله عز وجل الأنبياء (عليهم السلام) عامة ورسول الله (صلى الله عليه وآله) خاصة، وتحكي بأن منصب تلقي الوحي والرسالة ليس من نوع المناصب التي تنال للجميع من دون مقدمة، ومن دون مؤهلات، وإنه منصب لا يعطى إلا لمن توفرت فيه مقدمات الكمال وشروطه، ويكون مؤهلا لذلك، وإن الله أعلم بهم، وبمن توفرت فيهم الكفاءات.
٣ - قال تعالى: ﴿إنك لعلى خلق عظيم﴾ (3).
أجمع جل المفسرين على أنها نزلت في الأيام الأولى من البعثة النبوية (4) تكشف عن الحالة النفسية والروحية التي امتاز بها النبي (صلى الله عليه وآله)، وتبين أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكفاءته واستعداده الروحي عموما، وتوضح أن هذا الخلق العظيم نتيجة تلك المواهب والكفاءات التي كان يتحلى بها النبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن يبعث نبيا، ويصطفيه الله لتبليغ رسالته إذا أخذنا تاريخ نزول الآية بعين الاعتبار.
ولا ريب أنه لا بيان وتعبير أوسع نطاقا وأجمع معنى من هذه الآية، ولا مدح وثناء أعلى وأشمل مما جاء في مفهوم هذه الآية، لأن الخلق يشمل الأعمال الفاضلة والعادات الحسنة، وكاشف لجميع صفات النبي (صلى الله عليه وآله) النفسانية الشخصية والاجتماعية والإنسانية والعائلية والدينية، بحيث أثنى الله عليه بتلك الصفة المثالية - الخلق - ووصفها بالعظمة وأكد ذلك الله عز وجل بقوله: (الله أعلم حيث يجعل رسالته).