ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، ولقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده..... (1) ولكن بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) ازدادت أسباب جعل الحديث والكذب عليه (صلى الله عليه وآله)، وكلما ابتعد الناس عن عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) أكثر فأكثر، زادت الدواعي والأسباب واشتد الكذب والشائعات المنسوبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله). حتى شملت - هذه الأحاديث المفترية - تاريخ النبي (صلى الله عليه وآله) قبل البعثة، وبدء نزول الوحي، والحياة العائلية والداخلية، وكيفية معاشرته مع المسلمين، بل شوهوا جميع الشؤون والأمور التي تمت إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، حسب ما تملي عليهم أهواؤهم ومقاصدهم الخبيثة، ولذلك ترى كل واحد منهم إذا قصد الحصول على ما يرتئيه، أو الوصول إلى هدفه يضع حديثا وينسبه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وكان هذا دأبهم المقصود حتى عهد معاوية حيث اشتدت الدواعي أكثر.
فأمر بتأسيس هيئة التحديث - مؤسسة وضعها معاوية لجعل الحديث - لغايات وأهداف عديدة، وكان يستخدم معاوية هذه المؤسسة وأعضاءها في سبيل تحقيق مآربه على أحسن وجه مثل التعتيم على أعماله وأفعاله الغير شرعية، وتحجيم شخصية النبي (صلى الله عليه وآله) بواسطة الأحاديث التي اختلقتها هذه المؤسسة حتى يوازيها بشخصيته وشخصية ابنه. وما كان هدفه في ذلك التحجيم والتعتيم على شخصية النبي (صلى الله عليه وآله) إلا أن يعد العدة ويمهد الأرضية لخلافة الفاسق الفاجر ابنه يزيد.
ومن جهة أخرى كان هدفه من تأسيس الهيئة التزويرية اتهام مخالفيه، ليردعهم ويشفي غليله ويصب حقده وحقارته عليهم، ويملأ بذلك نواقص ومعايب شخصيته وعشيرته، ويبرر ما جنته يداه في عهد خلافته (2).
وبعد هلاك معاوية رأى الخلفاء الذين تزعموا المسلمين أن الأحاديث التي اختلقتها مؤسسة معاوية مفيدة في تثبيت نظامهم وتقوية أركان سلطانهم، وتحكيم