فجاء في هذا الحديث اسم عثمان صريحا.
عن شقيق، عن أسامة بن زيد قال: قيل له: ألا تدخل على عثمان فتكلمه؟ فقال:
أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه، ولا أقول لأحد يكون علي أميرا، إنه خير الناس بعد ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان! مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه (1).
تلاحظ أيها المطالع أن هذه الرواية صريحة وواضحة في أن أسامة بن زيد قد انتقد عثمان، وأسامة هو تلك الشخصية المعروفة الذي أعطاه الرسول (صلى الله عليه وآله) راية الإسلام عند وفاته وقلده أمارة عسكر المسلمين وأمره على كبار الصحابة، ولعن الرسول (صلى الله عليه وآله) كل من تخلف عن جيش أسامة. فترى أن أسامة استدل في انتقاده لعثمان بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشبهه بحمار الرحى الدوار ومن الذين تتدلق أقتاب بطنه وأحشاءه في النار، وهو في الآخرة يلاقي عذابا أليما.
أخرج مسلم هذا الحديث من طريقين وسندين وقد ذكر في كليهما اسم عثمان، وكذا البخاري أخرجه في موضعين، ولكن بزيادة في ألفاظه، وحيث إن دأب البخاري هو التدليس والتزييف، فإنه قام بحذف اسم عثمان من الحديث الذي كان محلا لنقد حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) واعتراض أسامة إياه، وإنه حرف الحديث في كلا الموردين فمرة جاء باسم الإشارة ومرة أخرى اكتفى بكلمة (فلان) بدلا من التصريح باسم عثمان كما جاء في نقل مسلم وأخرج الحديثين على النحو التالي ففي أحدهما: قيل لأسامة: ألا تكلم هذا....؟