في الفترة التي ناهزت المائة عام حيث كانت كتابة الحديث ممنوعة، ونقله محظور، ومن جانب آخر كانت دواعي وضع الحديث عند الوضاعين متوفرة، وقد استخدمت كل الأسباب والوسائل عند أصحاب القدرة ودعاة الوضع في سبيل جعل الحديث، فيا ترى في مثل هذه الأوضاع ما يمكن أن يجري للحديث؟ وإلى م سيؤول أمر الحديث؟ وما التغييرات والتحريفات التي سوف تحدث في نصوص الأحاديث ومتونها؟ وما أكثر الحقائق التي دفنت ولم يبق لها أثر في السنة النبوية التي تعد أهم مصدر في الإسلام وحلت مكانها الأحاديث المزورة والقضايا المحرفة؟
ففي هذه الفترة الطويلة التي أخذ فيها الخلف عن السلف، والأبناء عن الآباء والأجداد، مسائل كثيرة وعنونوها باسم الحديث، ومن ثم شكلت الأساس والجذر الاعتقادي وأصول الأحكام الدينية وفروعها عندهم دون أن يتعرفوا على مصدرها وصحتها وسقمها.
هذا هو السؤال الذي يواجهه الصحيحان وأولئك الذين ينادون بصحة كل ما ورد فيهما، وما زال هذا السؤال باقيا بدون جواب مقبول وقانع.
وقد عالج بعض كتاب أهل السنة مسألة الفترة الزمنية فطرح مسألة الذاكرة بدلا عن الكتابة والتأليف (1).
ولكن هذا الجواب مردود:
أولا: إنه لا ريب أن الذاكرة مهما كانت قوية لا يمكن الاعتماد عليها للحلول محل الكتابة والتقييد.
ثانيا: لو كانت الوسائط والإسناد بين النقل والكتابة قصيرة وقليلة لكان للركون إلى الحافظة في الجواب على السؤال وجه مقبول، ولكن ما نستنتجه ونراه بعد التحقيق في الصحيحين أن الأحاديث خرجت بوسائط متعددة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذا التعدد