في الاسم والفعل فإن موضع الاستشهاد صحيح لان الاكتفاء في الأبيات بفعل عن فعل إنما حسن من حيث دل الكلام على المحذوف والمضمر واقتضاه فحذف تعويلا على أن المراد مفهوم غير ملتبس ولا مشتبه وهذا المعنى قائم في الآية وإن كان المحذوف اسما لان اللبس قد زال والشبهة قد أمنت في المراد بها بهذا الحذف فحسن لان الفرقان إذا كان أسماء للقرآن وكان من المعلوم أن القرآن إنما أنزل على نبينا عليه الصلاة والسلام دون موسى عليه السلام استغنى عن أن يقال وآتينا محمدا صلى الله عليه وسلم القرآن كما استغنى الشاعر أن يقول ويفقأ عينيه وترى لليدين حشأة وبددا وما شاكل ذلك.. إلا أنه يمكن أن يقال فيما استشهد به في جميع الأبيات مما لا يمكن أن يقال مثله في الآية وهو أن يقال إنه محذوف ولا تقدير لفعل مضمر بل الكلام في كل بيت منها محمول على المعنى ومعطوف عليه لأنه لما قال - تراه كأن الله يجدع أنفه - وكان معنى الجدع هو الافساد للعضو والتشويه به عطف على المعنى فقال وعينيه فكأنه قال كأن الله يجدع أنفه أي يفسده ويشوهه ثم قال وعينيه وكذلك لما كان السامع للغط الأحشاء عالما به عطف على المعنى فقال ولليدين حشأة وبددا أي أنه يعلم هذا وذاك معا وكذلك لما كان في قوله علفت معنى غذيت عطف عليه الماء لأنه مما يغتذى به وكذلك لما كان المتقلد للسيف حاملا له (1) جاز
(١٧١)