وتعنيفهم علي الجود وإن كان متوجها إلى غيره فهو غير صادله لقوة عزيمته وشدة بصيرته . ومما خطأ الآمدي البحتري فيه وإن كان له فيه عذر صحيح لم يهتد إليه قوله ذنب كما سحب الرداء يذب عن * عرف وعرف كالقناع المسبل قال الآمدي وهذا خطأ من الوصف لان ذنب الفرس إذا مس الأرض كان عيبا فكيف إذا سحبه وإنما الممدوح من الأذناب ما قرب من الأرض ولم يمسها كما قال امرؤ القيس بضاف فويق الأرض ليس بأعزل (1) قال وقد عيب امرؤ القيس بقوله لها ذنب مثل ذيل العروس * تسد به فرجها من دبر قال وما أرى العيب يلحق امرأ القيس لان العروس وإن كانت تسحب أذيالها وكان ذنب الفرس إذا مس الأرض عيبا فليس بمنكر أن يشبه به الذنب وان لم يبلغ إلى أن يمس الأرض لان الشئ إنما يشبه الشئ إذا قاربه أو دنا من معناه فإذا أشبهه في أكثر أحواله فقد صح التشبيه ولاق به وامرؤ القيس لم يقصد أن يشبه طول الذنب بطول ذيل العروس فقط وإنما أراد السبوغ والكثرة والكثافة ألا ترى أنه قال - تسد به فرجها من دبر - وقد يكون الذنب طويلا يكاد يمس الأرض ولا يكون كثيفا ولا يسد فرج الفرس فلما قال تسد به فرجها علمنا أنه أراد الكثافة والسبوغ مع الطول فإذا أشبه الذنب الذيل من هذه الجهة كان في الطول قريبا منه فالتشبيه صحيح وليس ذلك بموجب للعيب وإنما العيب في قول البحتري * ذنب كما سحب الرداء * فأفصح بأن الفرس يسحب ذنبه. ومثل قول امرئ القيس قو خداش بن زهير لها ذنب مثل ذيل الهدى * إلي جؤجوء أيد الزافر - والهدي - العروس التي تهدى إلى زوجها - والأيد - الشديد - والزافر - الصدر لأنها تزفر منه
(١٢)