إلى قوله تعالى (الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) فقال ما معنى الاستثناء ههنا والمراد الدوام والتأبيد ثم ما معنى التمثيل بمدة السماوات والأرض التي تفنى وتنقطع. الجواب قلنا قد ذكر في هذه الآية وجوه. أولها أن تكون الا وإن كان ظاهرها الاستثناء فالمراد بها الزيادة فكأنه تعالى قال (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك) من الزيادة لهم على هذا المقدار كما يقول الرجل لغيره لي عليك ألف دينار الا الفين الذين أقرضتكهما وقت كذا وكذا فالألفان زيادة على الألف بغير شك لان الكثير لا يستثنى من القليل وهذا الجواب يختاره الفراء وغيره من المفسرين. والوجه الثاني أن يكون المعنى الا ما شاء ربك من كونهم قبل دخول الجنة والنار في الدنيا وفي البرزخ الذي هو ما بين الحياة والموت وأحوال المحاسبة والعرض وغير ذلك لأنه تعالى لو قال خالدين فيها أبدا ولم يستثن لنوهم متوهم انهم يكونون في الجنة والنار من لدن نزول الآية أو من بعد انقطاع التكليف فصار للاستثناء وجه وفائدة معقولة. والوجه الثالث أن تكون الا بمعنى الواو والتأويل فيها ما دامت السماوات والأرض وما شاء ربك من الزيادة واستشهد على ذلك بقول الشاعر وكل أخ مفارقة أخوه * لعمر أبيك إلا الفرقدان (1)
(٦)