. قلنا يحمل الثاني على استثناء المكث في المحاسبة والموقف أو غير ذلك مما تقدم ذكره . والوجه الخامس أن يكون الاستثناء غير مؤثر في النقصان من الخلود وإنما الغرض فيه انه لو شاء أن يخرجهم وأن لا يخلدهم لفعل في أن التخليد إنما يكون بمشيئته وارادته كما يقول القائل لغيره والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك وهو لا ينوى الا ضربه ومعنا الاستثناء ههنا أني لو شئت أن لا أضربك لفعلت وتمكنت غير أني مجمع على ضربك. والوجه السادس أن يكون تعليق ذلك بالمشيئة على سبيل التأكيد للخلود والتبعيد للخروج لان الله تعالى لا يشاء الا تخليدهم علي ما حكم به ودل عليه ويجري ذلك مجري قول العرب والله لأهجرنك الا أن يشيب الغراب ويبيض القار ومعنى ذلك أنى أهجرك أبدا من حيث علق بشرط معلوم أنه لا يحصل وكذلك معني الآيتين والمراد بهما انهم خالدون أبدا لان الله تعالى لا يشاء أن يقطع خلودهم. والوجه السابع أن يكون المراد بالذين شقوا من أدخل النار من أهل الايمان الذين ضموا إلى ايمانهم وطاعتهم المعاصي فقال الله تعالى انهم معاقبون في النار إلا ما شاء ربك من اخراجهم إلى الجنة وايصال ثواب طاعاتهم إليهم . ويجوز أيضا أن يريد بأهل الشقاء ههنا جميع الداخلين إلى جنهم ثم استثنى تعالى بقوله الا ما شاء ربك أهل الطاعات منهم ومن يستحق ثوابا لا بد انه يصل إليه فقال تعالي الا ما شاء ربك من اخراج بعضهم وهم أهل الثواب وأما الذين سعدوا فإنما استثنى تعالى من خلودهم أيضا لما ذكرناه لان من نقل من النار إلى الجنة وخلد فيها لا بد من الاخبار عنه بتأبيد خلوده من استثناء ما تقدم فكأنه تعالى قال إنهم خالدون في الجنة ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك من الوقت الذي أدخلهم فيه النار قبل أن ينقلهم إلى الجنة والذين شقوا على هذا الجواب هم الذين سعدوا وإنما أجرى عليهم كل لفظ في الحال التي تليق بهم إذا أدخلوا النار وعوقبوا فيها من أهل الشقاء وإذا نقلوا إلى الجنة من أهل الجنة والسعادة وقد ذهب إلى هذا الوجه جماعة من المفسرين كابن عباس وقتادة والضحاك وغيرهم وروى بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال الذين شقوا ليس فيهم كافر وإنما هم قوم من أهل التوحيد يدخلون النار بذنوبهم ثم يتفضل الله تعالى عليهم فيخرجهم من النار إلى الجنة فيكونون أشقياء في حال
(٨)