أبو الحسن ابن الفرات أبا علي بن مقلة في وزارته الثالثة لم أدخل إليه في حبسه، ولا كاتبته متوجعا له، ولا راسلته خوفا من أن يلقى ذلك إلى ابن الفرات. وكانت بيني وبين ابن مقلة مودة لطيفة فلما طالت نكبته كتب إلى رقعة طويلة فيها:
ترى حرمت كتب الأخلاء بينهم * أبن لي أم القرطاس أصبح غاليا فما كان لو ساءلتنا كيف حالنا * وقد دهمتنا نكبة هي ماهيا صديقك من راعاك عند شديدة * وكل تراه في الرخاء مراعيا فهبك عدوى لا صديقي فربما * تكاد الأعادي يرحمون الأعاديا ثم اتبع ذلك بكلام يعاتبني فيه ويقول: إنه قد أنفذ إلى في طي رقعته رقعة إلى الوزير يسألني إعراضها عليه وقت خلوة لا يكون فيها ابنه أبو أحمد المحسن ففتحت رقعته إلى الوزير فإذا هي " بسم الله الرحمن الرحيم: أقصرت أطال الله بقاء الوزير فعلى وصنعي على الاستعطاف والشكوى، حتى تناهت بي المحنة والبلوى، في النفس والمال والجسم والحال إلى ما فيه شفاء للمنتقم، وتقويم للمحترم حتى أفضت إلى الحيرة والتبلد، وعيالي إلى الهتكة والتلدد وما أقول إن حالا أتاها الوزير أيده الله في أمرى الا بحق واجب، وظن صدق غير كاذب الا أن القدرة تذهب الحفيظة، والاعتراف يزيل الاقتراف، والمعروف يؤثره أهل الفضل والدين، والاحسان إلى المسئ من أفعال المتقين، وعلى كل حال فلى ذمام وحرمة، وتأميل وخدمة، فان كانت الإساءة تضيعها فرعاية الوزير أيده الله تحفظها، فان رأى الوزير أطال الله بقاءه أن يلحظ عبده بعين رأفته، وينعم عليه بإحياء مهجته، ويخلصها من العذاب الشديد، والجهد الجهيد، ويجعل له من معروفه نصيبا، ومن البلوى فرجا قريبا، فعل إن شاء الله ". قال ابن يحيى: فأقامت الرقعة في كمي أياما لا أتمكن من عرضها إلى أن رسم الوزير بن الفرات بكتابة نسخة إلى جعفر ابن أبي القاسم وهو عامله حينئذ في فارس في مهم، وان أحررها بين يديه، وأعرضها عليه وخلا بي لهذا السبب فعملت النسخة، وأوقفته عليها، فأمرني بتحريرها فاغتنمت خلوته من كل أحد وقلت: قد عرف الوزير أيده الله