أبو الحسين بن نمير الخزاعي، قال: سار الفضل بن الربيع إلى الفضل بن يحيى البرمكي في حاجة له فلم يرفع له رأسا، ولا قضى له حاجة له فقام مغضبا، فلم يدع به ولا اكترث بغضبه، وفى المجلس يحيى بن خالد فقال لبعض خاصته، اتبعه فانظر ماذا يقول؟ فان الرجل ينبئ عما في نفسه من ثلاثة أماكن:
إذا أضجع على فراشه، وإذا خلا بفرسه، وإذا استوى على سرجه. قال الرجل: فاتبعته فلما استوى على سرجه عض على شفتيه وقال شعرا:
عسى وعسى يثنى الزمان عنانه * بعثرة دهر والزمان عثور فتدرك آمال وتقضى مآرب * ويحدث عن بعد الأمور أمور قال: فلم يكن بين ذلك وبين سخط الرشيد على البرامكة إلا أيام يسيرة.
وفى رواية أخرى: أن يحيى بن خالد رده وقضى حوائجه. أخبرني علي بن عبد الله الوراق المعروف بابن لؤلؤ بالاسناد عن عبد الله بن جعفر: أنه أصابه مرض فمنعه من الطعام والنوم. فبينما هو ذات ليلة ساهر إذ سمع وجبة في حجرته فإذا هو يسمع كلاما فوعاه فبرئ مكانه. والكلام: " اللهم أنا عبدك ولك أملى، فاجعل الشفاء في جسدي، واليقين في قلبي، والنور في بصرى، وذكرك في الليل والنهار ما بقيت في لساني، وارزقني منك رزقا غير ممنوع ولا محظور ".