بما حضر من القرى، ولم يقض من يخدمنا عن إحضار ما أعد في سفرتنا ووجدت خدمته كلها تدور على جارية سوداء نذرة خفيفة الحركة، يدل على نشاطها اعتيادها على الطراق إلى أن رفع الطعام وحضر الشرب وحضرت السوداء في غير الزي الأول فجلست تغنى، فأنكرتها حتى سألته عنها فوصف لي قديم حرمتها وقال: هي كانت طلعتي حين قصدني عبد الله بن طاهر فاستفتحني مسألته عن الخبر فسألته. فقال: لما بلغني خبر اجماع عبد الله على الخروج لطلب نصر بن شبث بنفسه أيقنت بالهلاك، وخفت أن يقرب فتنالني بادرته، ولم أشك في ذهاب النعمة إن سلمت النفس لما كان بلغه من إجابتي إياه عن قصيدته التي فخر بها وأنشدنيها:
مدمن الاغضاء موصول * ومديم العتب مملول وأخو الوجهين حيث رمى * بهواه فهو مدخول وقليل من يبرره * في يد التهذيب تحصيل فاتئد تلق النجاح به * فاعتساف الامر تضليل واعم عن عيب أخيك يدوم * لك حبل فيه موصول من يرد حوض الردا صردا * لا يسعه الري تعليل من بنات الروم لي سكن * وجهه للشمس إكليل عتبت والعتب من سكن * فيه تكثير وتقليل اقصري عما لهجت به * ففراغي عنك مشغول أنا من قد تعرفي نسبه * سلفي الغر البهاليل مصعب جدي نقيب بنى * هاشم والامر مجهول وحسين رأس دعوتهم * ودعاء الحق مقبول سل بهم تنبيك نجدتهم * مشرفيات مصاقيل كل غضب مسرف عللا * وحرار الحر مغلول وأبى من لا كفاء له * من يساوى مجده قولوا سل به والخيل ساهمة * حوله جرداء نأبيل