إلى فقلت: أصدقني عن خبرك والسبب في جسارتك على خزيمة ولينه لك بعد الغلظة وعرفته ما جرى بيني وبين خزيمة ثانيا فقال: طب نفسا فما أبدى لك شيئا إلا بعد بلوغ الامر. فبينما نحن كذلك إذ دعى بحامد بن عمرو وأدخل إلى حيث كان بأن موسوما يدخل إليه من يخلع عليه فتحيرت فلم يكن بأسرع من أن خرج وعليه خلع الخليفة، وبين يديه لواء عقده له وقد ولى طريق الفرات بأسره. فقمت إليه وهنأته وقلت له: ولا الساعة تخبرني الخبر؟ فقال ما فات شئ وودعني ومضى وأقمت بمكاني إلى أن خرج خزيمة فسرت معه إلى داره فلما استقر فيها دعاني فسألني عن أمور من خدمته ثم قال: أظنك قد أنكرت ما جرى في أمر حامد بن عمرو؟ قلت أي والله أيها الأمير، قال فاسمع الخبر: إعلم انى كنت في نهاية الغيظ عليه فأمرت فيه بما أمرت فلما كان البارحة رأيت فيما يرى النائم كأنه قائم يصلى ورفع يديه إلى الله عز وجل يدعو على فكأنه قد وقع في نفسي أنه يريد أن يدعو على قال: فصحت به لا تفعل وادن منى فانفتل من صلاته فجاء فوقف بين يدي فقلت له ما حملك على أن تدعو على؟ فقال لأنك أهنتني واستخففت بي وأخرجتني من دارك ذليلا آيسا وأشمت بي أعدائي ووعدتني بالقتل ظلما، وقطعت أملى في طلب رزقي وقوتي، فأنا أشكوك إلى الله عز وجل، واستعينه عليك فكأني أقول له طب نفسا ولا تدع على فإني أحسن إليك غدا وأوليك عملا واستعطفته.
فعجبت من المنام، وعملت أنى ظلمت الرجل وقلت في نفسي شيخ من العرب وله سن وشرف أسأت إليه بغير جرم، وأرعبته وماذا على إذا لحح في طلب الرزق، وعلمت أن المنام موعظة في أمره وحث على حفظ النعم ولا أنفرها بقلة الشكر واستعمال الظلم واعتقدت أن أوليه كما وعدته في المنام فكان ما رأيت. قال الحسن بن سلمة: فصوبت رأيه في هذا ودعوت وانصرفت فجاءني من العشى حامد بن عمرو مسلما ومودعا ليخرج إلى عمله فقلت: هات الآن خبرك؟ قال: نعم انصرفت من باب خزيمة موجع القلب قلقا مرتاعا فأخبرت عيالي بما جرى فكأنه في داري مأتم عظيم، ولم أطعم أنا ولا عيالي