وهما يطالبان قال: فجعلت في بيت ثالث وكنا نتحدث ونأكل جميعا، وربما أدخل إلينا النبيذ فنشرب، وكان أحمد بن إسرائيل شديد الجبن، وكان ينكر علينا ويمنعنا أن نتحدث بشئ أو نرجو لأنفسنا فجاءني يوما سليمان بن وهب فقال: رأيت البارحة في نومي كأن قائلا يقول لي: يموت الواثق إلى ثلاثين ليلة، فقم بنا إلى أبى جعفر حتى نحدثه. فقلت: والله لئن سمع أبو جعفر هذا ليشقن ثوبه وليسدن أذنه. فقال لي قم على كل حال فقمنا فدخلنا عليه فأخبره سليمان بالخبر فقال يا هذا: أنت أحسن الناس وأشدهم تحننا على نفسك وعلينا، وإنما تريد أن يشيع هنا فتقتل. فقال له: فتكتب هذه الرؤيا عندك لنمتحن صدقها، فنفر، وقال: أنا لا أكتب مثل هذا. فكتبت أنا في رقعة صغيرة اليوم. فلما جاز يوم الثلاثين دخل إلى أحمد بن إسرائيل فقال لي: يا أبا الحسن هذا يوم الثلاثين. فأخرجت الرقعة فإذا هو قد حفظ اليوم قال: ومضى يومنا إلى آخره فلما كان في الليل لم نشعر بالباب إلا وقد دق دقا شديدا، وصاح بنا صائح: البشرى قد مات الواثق واخرجوا. فقال أحمد: قوموا بنا فقد حقق الله الرؤيا وأتى بالفرج. فقال سليمان بن وهب:
كيف نمشي مع بعد منازلنا، ولكن نوجه من يجيئنا بما نركب فاغتاظ أحمد ابن إسرائيل وقال: نعم نقعد حتى يجلس خليفة آخر، ويقال له في الحبس جماعة من الكتاب عليهم أموال فيأمر بالتوثق بنا إلى أن ينظر في أمرنا قم عافاك الله تعالى حتى نخرج. فخرج وخرجنا على أثره فقبل أن نخرج من باب الهادوني، رأينا رجلين يقول أحدهما لصاحبه: سئل أمير المؤمنين جعفر عمن في الحبس فقيل له جماعة من الكتاب، فقال: يكونون فيه إلى أن ينظر في أمورهم فجدينا في السير وقصدنا غير منازلنا فاستترنا وبحثنا عن الاخبار، فبلغنا إقرار الخليفة محمد بن عبد الملك فكتبت إليه رقعة عن جماعتنا نعرفه خبرنا واتساع آمالنا ونستأذن فيما نفعل، فلما وصلت إليه وقع على ظهرها، ولم استخفيتم وليس منكم إلا من عنايتي تخصه ورأيي فيه جميل أما أبو أيوب فقد تكلم في أمره أبو منصور إيناخ واستوهبه فوهبته له، وأمرت بإحضاره ليخلع عليه فليحضر عليه، وأما أبو جعفر فإنه طولب بما ليس