والحرم وتجملي ثم يقبض على ذلك كله وينكبني. فقلت: الوجه أن تفرق جميع مالك من الحرم والأمتعة والدواب وتودعه ثقاتك وإخوانك. من وجوه قواد الأتراك وكتابهم، وتطرح الثقل الذي لا قيمة له من خيش وستائر وأسرة وآلات مطبخ في الزواريق وتجلس في الحراقة العجائز اللواتي لا تفتكر في هن ليظن أنهن الحرم وتخرجهن، وتجتهد أن يكون خروجك خروجا ظاهرا ولا تكاشف بالاستتار بل على سبيل توق ومراوغة فإذا حصلت ببغداد أمنت. فقال: هذا رأى صحيح وأخذ يصلح أمره على هذا فلما كان في ليلة اليوم الثالث لم أنم أكثر الليل فكر فيه ثم نمت لما غلبتني عيني فرأيت في السحر كأن قائلا يقول لا تغتم فقد ركب الأتراك من أصحاب وصيف وبغا إلى أوتامش، وكاتبه شجاع وقد هجموا عليها وقتلوهما واسترحتم. قال: فانتبهت مفزوعا ووجدت الوقت قد جاوز انفجار الفجر فصليت وركبت إلى الحسن بن مخلد فدخلت عليه من باب له غامض لأنه قد كان أغلق أبوابه المعروفة فسألته عن خبره فقال هذا آخر الاجل وقد خفت أن يعاجلني شجاع بالقبض على فأغلقت أبوابي واستظهرت بغلماني براعون رسله فإذا جاؤوا ورأوا أمارة الشر فيهم أنذروني فأخرج من هذا الباب الغامض وإن يسألوا خبر شجاع فإن كان في داره قالوا لمن يجيئني فيطلبني من جهته أنى في دار أوتامش، وإن كان في دار أوتامش قالوا للرسل أنى في دار شجاع مدافعة عنى حتى أهرب. قال: فقصصت عليه الرؤيا فتضاحك وقال ما ظننتك بهذه الغفلة نحن في اليقظة كما ترى كيف يصح لنا خبرك في المنام لهذا إنما نمت وأنت متمني خلاصي فرأيت ذلك في منامك. قال: فخرجت من عنده أريد داري فلقيني في الطريق جماعة كثيرة فعرفوني أن الأتراك قد ركبوا بالسلاح فصرت إلى منزلي وأغلقت بأبي ووصيت عيالي بحفظ الدار وعدت فدخلت إلى الحسن فأخبرته بالخبر فأمر بمراعاة الامر، فما زلنا نتعرف الاخبار ساعة بساعة إلى أن جاء الناس فعرفونا قتل الأتراك لشجاع، ثم دخل رجل فقال: أنا رأيت الساعة
(١٥٨)